تابــــــــــــــــع الوعد القرآني في سورة الأعراف
موسى يشير إلى الوراثة بين الأمم:
ولكن موسى عليه السلام لم يفقد هدوءه وصبره عليهم، وأعاد لهم البشرى بالفرَج، والوعد بالخلاص والنصر والتمكين، وقال لهم: (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ).
لقد لفت موسى عليه السلام أنظارهم إلى سنة ربانية مطردة، هي سنة التداول والوراثة بين الأمم، حيث يُنهي الله الأمة، عندما ينتهي عمرها، ويحين أجلها، ويأتي بأمة جديدة مكانها، تخلفها في السلطة، وترثها في الأرض.
ولقد طغى فرعون وظلم، فاستحق الهلاك والعذاب من الله، وبنو إسرائيل آمنوا، فاستحقوا الاستخلاف في الأرض.. وهذه سنة الله!.
وتابعت آيات السورة استعراض لقطات ومشاهد، مما جرى بعد ذلك لموسى وأتباعه مع فرعون: [130-135]. وكيف كان فرعون يزيد تعذيبه لهم، وينكث وعده لموسى بالإيمان، والإفراج عن بني إسرائيل، ولا يحسن فهم الآيات التي أخذ الله بها قومه، فاستحق بذلك الهلاك والعذاب.
الله يورث بني إسرائيل الأرض:
وانتهت المواجهة بين موسى عليه السلام وبين فرعون، النهاية المعروفة، المتفقة مع سنة الله، في إهلاك الظالمين، وإنجاء المؤمنين.
قال تعالى: (فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ، وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ) [الأعراف: 136-137].
انتقم الله من فرعون وجنوده، وأغرقهم في اليم، بسبب طغيانهم وظلمهم، وتكذيبهم بآيات الله، واستعبادهم لعباد الله.
واستخلف بني إسرائيل في الأرض، وأورثهم مشارقها ومغاربها، صاروا أصحاب السلطان والتمكين، بعدما كانوا في الأرض مستضعفين، وكان هذا مكافأة لهم على صبرهم: (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ).
وامتحن الله بني إسرائيل بالاستخلاف والوراثة، لينظر كيف يعملون. لكنهم لم ينجحوا في الامتحان، ولم يكونوا على قدر المسؤولية، وخالفوا أمر الله.. فحقت عليهم سنة الله، التي حقت على من كان قبلهم!.
وعد المسلمين بوراثة الأرض:
وذكر الله للمسلمين المستضعفين في مكة هذه المشاهد، ليقدم لهم البشرى بالفرَج، والأمل بالخلاص، والوعد بالنصر والاستخلاف والتمكين. فقد كان الصحابة في مكة يمرون بمرحلة الاستضعاف، التي لا بد من تجاوزها، بالاستعانة بالله، والصبر على البلاء، والتي ستقودهم إلى مرحلة الاستخلاف والتمكين، والانتصار على أعدائهم الكافرين.
ولذلك تضمنت هذه الآيات وعداً ضمنياً غير صريح، بنصرهم واستخلافهم، لأنهم أفضل وأكرم على الله من بني إسرائيل.. وقد تحقق هذا الوعد فيما بعد.
وعندما يقف المسلمون المستضعفون المضطهدون، أمام هذه الآيات من قصة بني إسرائيل، يأخذون منها هذه الإشارة الواعدة بالفرَج والتمكين!.
وعود القرآن بالتمكين للإسلام
الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي
المفضلات