يندرج لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني مع عدد من رؤساء الاتحادات الطلابية في الجامعات يوم امس في اطار نهج المتابعة الحثيثة والمباشرة الذي كرسه جلالته في المشهد الأردني من اليوم الأول لتسلمه سلطاته الدستورية، على نحو لا يترك مجالاً للشك بأن المطلوب هو التزام جدول الأعمال الوطني وفق الاولويات التي يجب التعاطي معها بوعي من خلال العمل كفريق واحد للمراكمة على الانجازات او ايجاد حلول ومقاربات للمشكلات والقضايا الشائكة او المعلقة التي تعترض مسيرتنا الوطنية.
هنا، يكتسب هذا اللقاء اهمية اضافية، إذ انه يأتي بعد اللقاء المهم الذي عقده جلالته مع عدد من الشخصيات الوطنية لبحث ظاهرة العنف المجتمعي حيث حدد جلالة الملك في تكثيف وايجاز طبيعة المشكلة عندما قال «توجد سلبيات في المجتمع اليوم ونرى عنفاً في المجتمعات وهذا لا يساعدنا على تحقيق ما نريد من تطوير بلدنا»..
الحديث الملكي المباشر لابنائه الطلبة بهذا الوضوح والشفافية والتشخيص الدقيق للظاهرة المتفاقمة والخطوات والآليات التي يجب اتخاذها لمواجهة والحد من اثارها السلبية اكدت على نحو لا يقبل التأويل اننا امام تحديات ومهمات يجب القيام بها بمسؤولية وانتماء حقيقي لهذا الوطن وشعبه الطيب والتي تبدأ، كما حددها قائد الوطن، بانخراط طلبة الجامعات في مسيرة الاصلاح والتطوير والبناء ونبذ ظاهرة العنف بما هي ظاهرة غريبة عن مجتمعنا ولا تمثل اخلاق الأردنيين وتهدد مسيرتنا التعليمية..
من هنا نبدأ اذن.. فالمطلوب الآن وفي شكل يأخذ طابع الاستعجال أخذ زمام المبادرة ووضع استراتيجية خلال الاسابيع القليلة القادمة تتضمن برامج وحلولاً لظاهرة العنف في الجامعات بعد ان لم يعد مقبولاً السكوت عن هذه الظاهرة المقلقة وهذا يتم بالطبع بالتنسيق مع القائمين على الجامعات والتعليم العالي..
ولأن جلالة الملك معروف لدى الأردنيين كافة بارتفاع منسوب التفاؤل لديه ورهانه الدائم والرابح على شباب هذا الوطن فانه أعاد التأكيد على ما يعوله الأردنيون على دور الشباب الجامعي ومشاركتهم في بناء الوطن وخصوصاً في التصدي لظاهرة العنف الجامعي من خلال تعزيز ثقافة الحوار وتقبل الرأي الآخر..
ليس من سبيل امامنا سوى العمل بما لفت اليه جلالة الملك اذا ما اردنا بحق البدء بتجاوز واستيعاب وبالتالي اجتثاث ظاهرة العنف المجتمعي باشكاله كافة وتكريس ثقافة الحوار وتقبل الرأي الآخر.. وهو دور يجب ان ينهض به الشباب الجامعي اضافة بالطبع الى دورهم الاساس في بناء المستقبل والمشاركة الفاعلة في بناء الاردن النموذج..
وإذ اشار جلالته الى الامل الذي يعوله شخصياً على الشباب الجامعي بما هم جيل جديد كي يلعبوا الدور المهم (والمأمول) في الانتخابات البلدية والنيابية وتعظيم المنجزات الوطنية فان جلالته دعا الشباب الى الاطمئنان والثقة والعمل الجاد والدؤوب لدرء مخاطر ظاهرة العنف المجتمعي التي تهدد امن وسلامة المجتمع ما يفترض وبالضرورة تعاون الجميع على حلها بشكل بناء ومثابر اضافة الى تأكيد قائد الوطن اننا ماضون في مسيرة الاصلاح السياسي بلا تباطؤ او تراجع في الوقت ذاته الذي ندرك فيه ان التحدي الاكبر الذي نعمل على التصدي له هو التحدي الاقتصادي وتوفير حياة فضلى للاردنيين كافة وهو ما يجب ان تتضافر ازاءه الجهود والطاقات والنيات الصادقة لتجاوزه والمراكمة مع الانجازات وبناء الاردن النموذج في التنمية والاصلاح والديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الانسان وسيادة القانون وتكافؤ الفرص وتكريس ثقافة الحوار وتقبل الرأي الآخر.
المفضلات