تابــــــــــــــــــــــع الوعد القرآني في سورة البقرة
استمرار قتال الكفار للمسلمين:
رابعاً: قوله تعالى: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 217].
الآية نازلة في معالجة آثار قتل مجموعة من المجاهدين الصحابة رجلاً مشركاً في الشهر الحرام، وكان قتلهم له خطأ، وذلك في سرية عبد الله بن جحش رضي الله عنه.. وقد أثار كفار قريش حرباً إعلامية دعائية ضخمة ضد المسلمين، واتهموهم فيها بانتهاك حرمة الشهر الحرام، فأنزل الله آية في رد شبهاتهم وإشاعاتهم، وتسجيل جرائمهم، وختمها بتقرير حقيقة استمرار حربهم وقتالهم للمسلمين. قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ) [البقرة: 217].
وليست وقفتنا أمام الآية بكاملها، وبيان معناها، واستخراج دلالاتها، لأن هذا لا يتفق مع موضوع هذا البحث، إنما وقفتنا مع الجزء من الآية الذي يتحدث عن استمرار الحرب والمواجهة بين المسلمين والكافرين.
الخطاب في قوله: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ) للمسلمين، والإخبار في الجملة عن الكفار.
وتخبر الآية عن استمرار قتال الكفار للمسلمين بفعل (لا يزالون)، الدال على الاستمرار، وعدم التوقف والانقطاع. وإذا ما أعلن الكفار رغبتهم في وقف القتال، وحرصهم على تحقيق" السلام العادل والشامل والدائم!"، فإنهم كاذبون في هذا الإعلان، يريدون منه خداع المسلمين؛ فالسلام الذي يريده الكفار هو الذي يضمن لهم إخضاع وإذلال واستعباد المسلمين، واحتلال بلادهم، ونهب خيراتهم ومواردهم وثرواتهم، وإبعادهم عن إسلامهم وقرآنهم.
وهدف الكفار من قتال المسلمين محدد في الآية: (حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ) فإذا ما حققوا هدفهم، وأبعدوا المسلمين عن دينهم، توقف قتالهم لهم.
وعاش المسلمون في مختلف فترات تاريخهم مصداق هذا الوعد القرآني، وابتلوا بقتال الكافرين المستمر لهم.. ويعيش مسلمو هذا الزمان أمثلة حادة واضحة من استمرار قتال اليهود والصليبيين لهم. ولن يتوقف ذلك القتال إلا باستيقاظ الإيمان والجهاد في نفوس وحياة المسلمين، عند ذلك ينصرهم الله على أولئك الكافرين!.
وعود القرآن بالتمكين للإسلام
الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي
المفضلات