"مجموعة أهم الأحداث": أناس بعثوا إلى علماء كبار في الدين و الفقه و العلوم الشرعية في بلد آخر شاكين و مستفسرين عن سبب عدم هطول عندهم الأمطار لمدة طويلة جدا . فكان جواب هؤلاء العلماء مختصرا في التعبير وفي عدد الكلمات ،قائلين لهم "شوفوا إذا كنتم لا تسرقون في الميزان" ، بمعنى الشعبي "شوفوا إذا كنتم لا تخونوا الأسواق...".
والميزان بمفهومه المباشر و مفهومه العام ... بمفهومه المباشر ، يعني الميزان المستعمل في التجارة عند البقال والخضار و "الجزار" وغير الجزار وعند تاجر الجملة و التجزئة وعند بائع الحليب ومشتقاته وعند الخباز وغير الخباز ... وإذا تفحصنا الميزان من هذا المنظار نجده مختلا وينطبق على القوم بالتمام و الكمال كلام الله ، عز و جل ، للمطففين الذين يتلاعبون بالكيل والميزان.
بل أكثر من ذالك هناك من يرى أنه من حقه فعل ذالك وهذا يدخل من أجل تجنب الخسارة والربح السريع الوفير ويعطيك أمثلة بل حتى "فتاوي" أنه يجوز فعل ذالك ويدخله في مفهوم "الضرورة تبيح المحرم "...
أما المفهوم العام للميزان هي العلاقة التي تربط بين أفراد المجتمع في جميع التعاملات ، وهي مختلة اختلالا رهيبا :
من عدم الوفاء بالوعد ، بمعنى إذا واعد خالف ، وخيانة الأمانة وشراء الحق بالمال وإيذاء الآخرين ماديا و معنويا كالذي يتاجر في مواد تلحق أضرارا بالإنسان ، كما ذكر سابقا.
أو كالذي يستثمر في الزراعة مستعملا مياه "القذرة" مصادرها قنوات الصرف الصحي ونفايات صناعية وطبية ولو تسأله عن ذالك يجيبك بدون أدنى شك "عدم وجود المياه الكافية بسبب عدم هطول الأمطار" ...
وهو عارف عدم وجود المياه تكفي لمثل تلك المحاصيل فمن اجبره على استثمار في ذالك الميدان الا الطمع وحب الكسب السريع ولو على حساب صحة الجسدية للآخرين والسلامة الصحية للمجتمع . وهذا، على حسب وجهة نظري، أبشع و أقذر أنواع "سرقة الميزان" ، ربما هذا النوع الأخير هو ما كان يقصدونه أكثر هؤلاء العلماء في قولهم " شوفوا إذا كنتم لا تسرقون في الكيل و الميزان". بمعنى أكثر وضوح "فتشوا عن مصائبكم في دقة ميزانكم"...
حمدان العربي الإدريسي
25.01.2012
المفضلات