فساد الفوسفات على قناة جوسات
بقلم: أحمد عطاالله النعسان
شركات وهمية وشركة برونية وخصخصة بأسعار رمزية وأشخاص يشترونها مجهولي الهوية ومئات الملايين سرقت وتسرق والشعب المقهور هو الضحية ... أعرفتم يا سادة ما هي القضية؟! ...
لقد تابعت كما تابع الكثيرون بلهفة حريص على حب الإطلاع عن كثب على القضايا الهامة والحساسة في بلدي الأردن حماه الله... حلقة من برنامج كلام في الصميم على قناة "جوسات" الفضائية بعد أن شدني موضوع الحلقة، لأنها كانت مخصصة لمناقشة وفتح ملف خصخصة الفوسفات أو سرقتها ونهبها إذا صح ما سمعنا، ولقد صدمت من هول ما سمعت، فساد بالملايين بل بمئات الملايين على مرأى ومسمع كل صناع القرار في بلدي ولا أدري ما هو سبب السكوت عن مثل هذه الجرائم كل هذه السنين، وتساءلت لولا الثورات والربيع العربي وحراك الشارع، هل كانت ستفتح هذه القضايا؟! وراودني سؤال محير هل سيتم إسترجاع ما تم نهبه في هذه القضية أو غيرها أو إسترجاع الجزء الأكبر منه؟!!.
من وجهة نظري المتواضعة يجب أن يحاكم كل من ساهم أو ساعد أو إشترك أو عرف وصمت في هذه القضية بذات وقبل غيرها من القضايا، فشركة تمثل العصب الرئيس لدخل البلد وهي ثروثه الأساسية ومورده الأهم وتنهب وبطرق محترفة من أناس كان بعض الشرفاء في البلد في وقتها يشيرون إليهم أنهم ليسوا موضع أمانة ولا أهلا لتحمل المسؤولية فما كان من أولئك الفاسدين إلا أن شنوا حربا مسعورة على كل من كان يخالفهم أو يحاول إعتراض طريقهم أو التشويش عليهم ولو بكلمة، ولم تجد صرخاتهم أي أذن سامعة ولو وجدت هذه الأذن لوفرنا على بلدنا الكثير الكثير.
أتمنى من لجنة التحقيق النيابية في هذه القضية أن تكون على قدر الموقف وأن تتحمل أمانة المسؤولية كاملة أمام الله جل جلاله أولا ومن ثم أمام الشعب الذي اختار بعض أعضاء هذه اللجنة، وأن يعلنوا عند نهاية التحقيق الأسماء كاملة للمشتركين بهذه الكارثة الوطنية وأن يتم إعلام الشارع المترقب كل حيثيات وتفاصيل هذه الجريمة النكراء بحق الوطن والمواطن.
إن حجم الفساد الذي سمعنا عنه في الحلقة المذكورة يتطلب وقفة وطنية صادقة من كل من يهمه البلد ومن كل حريص على مكافحة الفساد ومحاربة الفاسدين، وتتطلب هذه المرحلة المفصلية التي نعيش كشف ومحاسبة كل الفاسدين حسابا حقيقيا يستحقونه بما ارتكبت أيديهم من جرائم، فتوقيف المطلوبين الفاسدين شيء رائع ومهم ولكن الأهم والجوهر هو أن يتم معاقبة الجميع دون استثناء واسترجاع ما تم نهبه وإنزال العقوبة العادلة بحق هؤلاء الذين عاثوا بالأرض فسادا، عندها سيكون الحديث عن بداية جديدة مقبولة عند الشعب، أقول هذا الكلام من غربتي ويعتصرني الألم على ثروات ومقدرات وشركات وطنية نهبت جهارا نهارا والمواطن البسيط يتثاقل من الشتاء؛ لأنه يعرف أسعار المشتقات النفطية جيدا، ويخشى بدء العام الدراسي كل عام خوفا من التكاليف والتجهيزات المدرسية والتكاليف الجامعية الباهظة، ويمني النفس بوظيفة لولده بعد التخرج الذي كلفه الكثير، ولا يفكر ببناء بيت له بكل تأكيد لأنه يعرف دخله أين يذهب، ويؤخر تزويج إبنه رغما عنه وعن إبنه؛ لأن الدولة لا تقدم مساعدات بأي مجال مما ذكر، فلا دراسة جامعية حكومية رخيصة ومتوفرة للجميع ولا عدالة بتوزيع فرص العمل، ولا مساعدات ببناء بيت يأوي الفقير وأهله ويحفظ كرامته، فحتى المبادرة التي استبشر الفقراء وذوي الدخل المحدود بها سرقوها وأفسدوها، فلنتخيل لو أن هذه الملايين التي نهبت سخرت لمثل هذه الأشياء والخدمات الأساسية وتم تقديمها للمحتاجين في الأردن دون منة ولا تمييز ولا إنقاص من كرامة... ماذا سيكون وضعنا اليوم؟!.
المفضلات