"مجموعة أهم الأحداث" : "شعوب تخاف و لا تستحي" ، تعليق لأحد القراء مررت عليه وأنا أتصفح شبكة الانترنت بخصوص الأحداث المؤلمة و المؤسفة التي وقعت في احد ملاعب جمهورية مصر العربية خلال مقابلة في كرة القدم . والنتيجة كانت مؤلمة ولم تسجل حتى في حروب بين أعداء وهي ترقى إلى مستوى مذبحة بأتم المعنى للكلمة...
والعودة إلى "الخوف و الحياء" يبدو صاحب ذالك التعليق "أصاب الصواب" في تعليقه وأخطر شيء عند الإنسان عندما يخاف و لا يستحي . ويصبح الحياء الاستثناء و الخوف القاعدة . ومن المعروف أن الخوف يزول مع الوقت عندما يجتاز ذالك الإنسان مرحلة معينة يحس بعدها أن أسباب ذالك الخوف قد زالت فيصبح عدوانيا شرسا في معاملته مع الآخرين و المحيط محبا للانتقام من تلك السنين الذي كان فيها مطاطا الرأس مقيد بالرعب و الخوف...
أما الحياء هي تربية منغرسة في أعماق الإنسان منذ الولادة كالنطق و الضحك و البكاء و الأكل ... و لا يمكن للفرد الاستغناء عنهما مهما كبر، وهذا هو الفرق بين الحياء و الخوف. وكيف لهذه الشعوب بمجرد زوال عنها الخوف عملت في نفسها ما لم تعمل فيها "الأجهزة القمعية" التي كانت مسلطة على رقابها عقود مضروبة في نفسها محولة أفراحا إلى مآسي و مآتم... منذ متى كانت ملاعب لعبة كرة القدم أو غير كرة القدم ساحة قتال وعنف و سيلان الدماء. ومنذ متى كانت المناسبات الدينية آذى و بلاء للآخرين...
قلت المناسبات الدينية و نحن على أبواب ذكرى المولد النبي الشريف و كيف تتحول الأيام قبل الذكرى و أيام بعد الذكرى إلى خوف و فزع من تلك المفرقعات ذات القوة الانفجارية يحسبها الفازع من نومه أو في يقظته أنها قنابل ملقاة من طائرات "الشبح" للحلف "الناتو" أخطأت أهدافها في ميادين الحروب و انحرفت عن مسارها لتسقط على رؤوس الناس في المنازل أو في الشوارع ...وهذا بفعل من "يخاف و لا يستحي" ،الذي يحول الأفراح والأعياد إلى خوف و مصائب ...
ولهذا لا بد من الاعتراف الصريح و العلني وأمام الملأ ، أن المشكل هذه الشعوب لا يتحمله حكامه فقط . بل في بعض أو كثير من الأحيان وجود تلك العينة من الحكام "مطلب الضرورة" . إن بعض العينات من تلك الشعوب ، قد تختلف نسبيا أو تزيد أو تنقص قليلا أو كثيرا هنا و هناك أو من منطقة إلى الأخرى ، لابد أن تحكمها عينة من هؤلاء الحكام و إلا طغوا في الأرض وأذلوا الناس في بيوتهم ....عينات لا تقبل إلا واحدة من اثنتين ، لا ثالث لهما ، إما أن "تحقر" ( بمعنى ظالمة) أو أن تحتقر ( تكون مظلومة) ...
تلك العينات لو يحكمهم نقيض "حبيب العادلي" و أمنه المركزي ، أو الحجاج بسيفه المسلول ، لضربوه "بالجزمة" والبيض الفاسد وبقشور الموز الفاسد أيضا ، صباحا مساءا . عينات "متعجرفة" آتية من "واحة الظلام" الكائنة على أطراف "جزر الجهل" ، هي نفسها ظالمة ولا تقبل إلا بالظلم سبيلا . عينة تؤذي الناس وتبخسهم حقوقهم و أشياءهم سرا و جهرا . حريتهم تبدأ من عذابات وآهات الآخرين وإفساد عنهم راحتهم و سكينتهم في الشارع و العمل وحتى على سرير فراشهم...
ماذا تنتظر من تلك العينة التي زال عنها الخوف وهي تمر بعد منتصف الليالي على بيوت الآخرين معكرة صفو نوم الناس بضجيج سيارتهم المزهوة بأشرطة غنائية صاخبة مستواها اقل بكثير من مستوى عقول أصحابها المتحجرة... أو ذالك الجار الذي يريد أن يبين لجيرانه درجة تدينه فيسمعهم الليل كله قرآنا بصوت يسمع على عدة كيلومترات.أما صيفا عند يقيم الأفراح فيسمعهم طوال الليل ما تحت خط الحياء واهبط من ذالك بكثير ...
حمدان العربي الإدريسي
02.02.2012
المفضلات