السلام عليكم
في العام 2000 اشتريت كتاب "لا تحزن" للدكتور عائض القرني. وفي الحقيقة اعجيت بالكتاب ومادته لدرجة اني قرأته أكثر من مرة. وكان وقع ماقرأته مذهلا على نفسي. ثم انشغلت بأمر الدنياولم اطالعه بعدها لانطباع افكاره في عقلي.
ومؤخرا أهداني احد اصدقائي كتاب "جدد حياتك" للشيخ محمد الغزالي رحمه الله. وعند قرائتي للكتاب احسست ان الكلام قد قرأته من قبل واعتصرت ذاكرتي حتى توصلت الى انها موجودة في كتاب عائض القرني.
فسارعت باحضار الكتابين والمقارنة بينهما فهالني مقدار التشابه الشديد بينهما مع العلم ان كتاب القرني قد جاء بعد سنوات طويلة من كتاب الغزالي.
اعتقدت ان في الامر توارد خواطر ولكن ما سترونه لاحقا يدل دلالة قاطعة على السرقة الواضحة.
لم يذكر القرني اي اشارة لكتاب الغزالي على الإطلاق ، بل وجدت ما يزيد الحزن فى فقرة بعنوان : " عن الشيخ " ـ وهى فقرة تضم سيرته الذاتية ـ إذ جاء فيها ذكر الشيخ الغزالى ـ رحمه الله ـ بهذه الكلمات : " وقرأ كتب الغزالى وله عليه رد " ، وكأن كل ما يُذكر للشيخ الغزالى أن كلامه موضع الرد من الشيخ عائض القرنى !!!
ووجدت فى كتاب عائض القرنى تسعة عناوين لفصول من كتاب الشيخ محمد الغزالى ، أضعها بين يديك ، وسأكتفى برصد نموذجين للأخذ ثم أذكر فقط العناوين .
أولا : جاء عنوان الفصل فى كتاب الشيخ محمد الغزالى ـ رحمه الله ـ : " هل تستبدل مليون جنيه بما تملك " ، وجاء عنوان الفقرة فى كلام عائض القرنى : " فكر واشكر "
قال الشيخ محمد الغزالى ـ رحمه الله ـ فى مستهل هذا الفصل :
" ما أكثر النعم التى بين أيدينا ، وإن غفلنا عنها !
أقليل أن يخرج الإنسان من بيته وهو يهز يديه كلتيهما ، ويمشى على الأرض بخطوات ثابتة ، ويملأ صدره بالهواء فى أنفاس رتيبة عميقة ، ويمد بصره إلى آفاق الكون فتنفتح عيناه على الأشعة المناسبة ، وتلتقط أذناه ما يموج به العالم من حراك الحياة والأحياء ؟
إن هذه العفية التى تمرح فى سعتها وتستمتع بحريتها ليست شيئاً قليلا !
وإذا كنت فى ذهول عما أوتيت من صحة فى بدنك ، وسلامة فى أعضائك ، واكتمال فى حواسك ، فاصح على عجل ، وذق طعم الحياة الموفورة التى أتيحت لك واحمد الله على هذا الخير الكثير الذى حباك إياه ..
ألا تعلم أن هناك خلقاً ابتلوا بفقد هذه النعم ، وليس يعلم إلا الله مدى ما يحسونه من ألم ؟
منهم من حبس فى جلده ، فما يستطيع حركة بعد أن قيده المرض ! ومنهم من يستجدى الهواء الواسع نفساً يحيى به صدره العليل ، فما يعطيه الهواء إلا زفرة وتخرج شاخبة بالدم ، ومنهم من عاش منقوش الأطراف أو المشاعر ، ومنهم من يتلوى من أكل لقمة لأن أجهزته الهاضمة معطوبة ، ومنهم ، ومنهم .
إذا كنت معافى من هذه الأسقام كلها فهل تظن القدر زودك بقدرة تافهة ؟ ... ومن الخطأ أن تحسب رأس مالك هو ما اجتمع لديك من ذهب وفضة ، إن رأس مالك الأصيل جملة المواهب التى سلحك القدر بها ، من ذكاء وقدرة ، وحرية ، وفى طليعة المواهب التى تحصى عليك ، وتعتبر من العناصر الأصيلة فى ثروتك ما أنعم الله به عليك من صحة سابغة ، وعافية تتألق بين رأسك وقدمك وتتأنق بها فى الحياة كيف تشاء
وقال عائض القرنى :
" المعنى أن تذكر نعم الله عليك فإذا هي تغمرك من فوقك ومن تحت قدميك ، صحة في بدن ، أمن في وطن ، غذاء وكساء ، وهواء وماء ، لديك الدنيا وأنت ما تشعر ، تملك الحياة وأنت لا تعلم ، عندك عينان ، ولسان وشففان ، ويدان ورجلان ، هل هي مسئلة سهلة أن تمشي على قدميك ، وقد بترت أقدام؟! وأن تعتمد على ساقيك ، وقد قطعت سوق؟! أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطار الألم نوم الكثير؟! وأن تملأ معدتك من الطعام الشهي وأن تكرع من الماء البارد وهناك من عكر عليه الطعام ، ونغص عليه الشراب بأمراض وأسقام؟! تفكر في سمعك وقد عوفيت من الصمم ، وتأمل في نظرك وقد سلمت من العمى ، وانظرإلى جلدك وقد نجوت من البرص والجذام ، والمح عقلك وقد أنعم عليك بحضوره ولم تفجع بالجنون والذهول .
أتريد في بصرك وحده كجبل أحد ذهبا ؟! أتحب بيع سمعك وزن ثهلان فضة؟! هل تشتري قصور الزهراء بلسانك فتكون أبكم؟! هل تقايض بيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون أقطع؟! إنك في نعما عميمة وأفضال جسيمة ، ولكنك لا تدري ، تعيش مهموما مغموما حزينا كئيب! وعندك الخبز الدافىء ، والماء البارد ، والنوم الهانىء ، والعافية الوارفة ، تتفكر في المفقود ولا تشكر الموجود ، تنزعج من خسارة مالية وعندك مفتاح السعادة "
ثانياً : أما الفصل الذى جاء فى كتاب الشيخ محمد الغزالى ـ رحمه الله تعالى ـ بعنوان : " لا تبك على فائت " فقد جاء فى كلام عائض القرنى بعنوان : " ما مضى فات "
يقول الشيخ الغزالى رحمه الله :
" ما قيمة لطم الخدود وشق الجيوب على حظ فات أو غرم ناب ؟
ما قيمة أن ينجذب المرء بأفكاره ومشاعره إلى حدث طواه الزمن ليزيد ألمه حرقة وقلبه لذعاً ؟
لو أن أيدينا يمكنها يمكنها أن أن تمتد إلى الماضى لتمسك حوادثه المدبرة فتغير منها ما تكره ، وتحورها على ما تحب لكانت العودة إلى الماضى واجبة ... ولعهرعنا جميعاً إليه ، نمحو ما ندمنا على فعله ، ونضاعف ما قلت أنصبتنا منه .
أما وذلك مستحيل فخير لنا أن نكرس الجهود لما نستأنف من أيام وليال ، ففيها وحدها العوض .
إن المرء ليس متهماً فى حرصه على مصلحته ، فإذا ضاعت هذه المصلحة لسبب ما ، خصوصاً تلك التى تتصل بالآجال والأرزاق ، فلنجعل من إيماننا بالله وقدره ما يحجزنا عن التعلق بالأوهام والحماقات ."
وجاء فى كلام عائض القرنى :
" تذكر الماضي والتفاعل معه واستحضاره ، والحزن لمآسيه حمق وجنون ، وقتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة. ان ملف الماضي عند العقلاء يطوى ولا يروى ، يغلق عليه أبدا في زنزانة النسيان ، يقيد بحبال قوية في سجن الإهمال فلا يخرج أبدا ، ويوصد عليه فلا يرى النور ، لأنه مضى وانتهى ، لا الحزن يعيده ، لا الهم يصلحه ، لا الغم يصححه ، لا الكدر يحييه ، لأنه عدم ، لا تعش في كابوس الماضي وتحت مظلة الفائت ، أنقذ نفسك من شبح الماضي ، أتريد أن ترد النهر إلى مصبه ، والشمس إلى مطلعها ، والطفل إلى بطن أمه ، واللبن إلى الثدي ، والدمعة إلى العين ، إن تفاعلك مع الماضي ، وقلقك منه واحتراقك بناره ، وانطراحك على أعتابه وضع مأساوي رهيب مخيف مفزع.
القراءة في دفتر الماضي ضياع للحاضر ، وتمزيق للجهد ، ونسف للساعة الراهنة ، ذكر الله الأمم وما فعلت ثم قال : { تلك امة قد خلت } انتهى الأمر وقضي ، ولا طائل من تشريح جثة الزمان ، وإعادة عجلة التا ريخ.
إن الذي يعود للماضي ، كالذي يطحن الطحين وهو مطحون أصلا ، وكالذي ينشر نشارة الخشب. وقديما قالوا لمن يبكي على الماضي : لا تخرج الأموات من قبورهم ، وقد ذكر من يتحدث على ألسنة البهائم أنهم قالوا للحمار لم لا تجتر؟ قال : أكره الكذب.
إن بلاءنا أننا نعجز عن حاضرنا ونشتغل بماضينا ، نهمل قصورنا الجميلة ، ونندب الأطلال البالية ، ولئن اجتمعت الإنس والجن على إعادة ما مضى لما استطاعوا لأن هذا هو المحال بعينه.
إن الناس لا ينظرون إلى الوراء ولا يلتفتون إلى الخلف ، لأن الريح تتجه إلى الأمام والماء ينحدر إلى الأمام والقافلة تسير إلى الأمام ، فلا تخالف سنة الحياة."
ثالثاَ : أما الفصل الذى جاء فى كتاب الشيخ محمد الغزالى ـ رحمه الله تعالى ـ بعنوان : " عش فى حدود يومك " فقد جاء فى كلام عائض القرنى بعنوان : " يومك يومك " ، كما جاءت تتمة الفصل عند عائض القرنى بعنوان : " اترك المستقبل حتى ياتي " .
رابعاً : جاء عنوان الفصل فى كتاب الشيخ محمد الغزالى رحمه الله : " بقدر قيمتك يكون النقد الموجه إليك " ، وجاء عنوان الفقرة فى كلام عائض القرنى : " كيف تواجه النقد الآثم "
خامساً : جاء عنوان الفصل فى كتاب الشيخ محمد الغزالى ـ رحمه الله ـ : " لا تنتظر الشكر من أحد " ، وجاء عنوان الفقرة فى كلام عائض القرنى " لا تنتظر شكرا من احد "
سادساً : جاء عنوان الفصل فى كتاب الشيخ محمد الغزالى ـ رحمه الله ـ : " آفات الفراغ "
وجاء عنوان الفقرة فى كلام عائض القرنى : " أطرد الفراغ بالعمل "
سابعاً : جاء عنوان الفصل فى كتاب الشيخ محمد الغزالى ـ رحمه الله ـ : " حياتك من صنع أفكارك " وجاء عنوان الفقرة فى كلام عائض القرنى : " لا تكن إمعة "
ثامناً : جاء عنوان الفصل فى كتاب الشيخ محمد الغزالى ـ رحمه الله ـ : " قضاء وقدر "
وجاء عنوان الفقرة فى كلام عائض القرنى : " قضاء وقدر "
تاسعاً : جاء عنوان الفصل فى كتاب الشيخ محمد الغزالى ـ رحمه الله ـ : " اصنع من الليمونة الملحة شرابا حلوا " ، وجاء عنوان الفقرة فى كلام عائض القرنى : " اصنع من الليمون شرابا حلوا "
أفرح لأن يصعد فى سماء الفكر الإسلامى والدعوة نجمٌ ولعلِّى لا ألقاه ، ولكننى أحتسب هذا الفرح كله لله عز وجل ، ولكن ما أجمل أن يكون من ثمرة جهد الإنسان نفسه !
أتساءل ، فقط أتساءل : هل توجد سرقة يمكن أن تسمى سرقة دينية ، أو سرقة إسلامية ؟؟؟ !!! ... على غرار السرقة الأدبية أو السرقات الشعرية ؟؟؟ !!!
هل يندرج هذا العمل تحت من يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ؟؟؟ !!!
هل المال الذى تم الحصول عليه من هذا توزيع هذا الكتاب (ومؤخرا شريط صوتي بالاسم نفسه) حلال أم حرام ؟؟؟ !!!
هل من يفتى
منقول ، وقد ارتأيت من النقل ان يطلع الاخوان في منتديات احباب الاردن على الجدل الذي يدور حاليا في الساحة الخليجية حول هذا الموضوع بشكل خاص ، وموضوع الملكية الفكرية بشكل عام ....
والذي وصفه سمو الشيخ عبد الله بن زايد قبل دقائق بما : " خف وزنه وغلا ثمنه "بخصوص هذا النوع من السرقات.
المفضلات