خاص بـ "خبرني"
كتب - حسن بلال التل
قبل سنوات قليلة, وبينما كان الشيخ زكي بني ارشيد الموصوف بـ(زكي الجدلي) أمينا عاما لجبهة العمل الإسلامي, أطلق تصريحا أساء بعمق للعشائر الأردنية عندما وصف أبناء العشائر بأنهم يقادون من أجهزة الدولة كقطعان الماشية, فكان من جريرة ذلك أن دخلت البلد في حالة من التوتر والاحتقان استمر قرابة اسبوعين, وأجبرت جماعة الإخوان المسلمين بشقيها على إصدار عدة اعتذارات عن ذلك التصريح, ومن ثم إجراء عدة تغييرات في صفوفها أبرزت ولو بشكل صوري عددا من الحمائميين, والقادة المنتمين للعشائر كقيادات مؤقتة استعملت لامتصاص غضب الشارع ثم عادت الكولسات داخل صفوف الجماعة للإطاحة بهم.
وبعد هذه السنوات, أصبح من الواضح أن كل تلك الاعتذارات لم تكن من نية صافية, وبدل مواجهة العشائر, لجأ الإخوان ولو مرحليا للإلتفاف عليها وتوسيع نشاطهم بين صفوف أبنائها لغايات اتضحت خلال الأشهر الأخيرة من الحراك, عندما أصبحت معظم تظاهرات الإخوان تضم بين صفوفها يافطات تحمل أسماء تجمعات عشائرية, هذه اليافطات يرفعها إخوان مسلمون لكنهم في نفس الوقت أبناء لهذه العشائر, وبغض النظر عن نسبة تمثيل هؤلاء لتلك العشائر, فإن موقف الإخوان السلبي من العشائرية يتكرس يوما بعد يوم.
فالحراك الشعبي الاردني بشكل عام, والإخوان المسلمون بشكل خاص, يصرون بشكل مستمر على إقتحام المناطق العشائرية في محاولات لاكتساب الشرعية تارة, وخلق الفتن عبر تعمد إظهار صورة سلبية للعشيرة الأردنية تارات أخرى, رغم أن الأهالي يوضحون لهم في كل مرة أنهم غير مرحب بهم.
ففي سلحوب وقبل عقد الاجتماع سيء الذكر, قام شيوخ ووجهاء المنطقة بترجي قادة الحراك كي لا يأتوا إلى بلدتهم, لكن الآخرين أصروا رغم أن الأكثرية ترفضهم, ورغم أن كثيرا من هؤلاء القادة وصلوا محاطين بـ(البودي جارد) وحاملين للسلاح, إلا أن العقلاء في المنطقة ظلوا يحاولون ضبط جماح أبنائهم حتى ما عاد ذلك بالإمكان, ومع هذا لولا حماية هؤلاء الشيوخ والعقلاء لقادة الحراك لوقع ما لا تحمد عقباه.
ذات السيناريو تكرر في اللُّبن, بل زاد عليها "الإصلاحيون" يومها بحرق خيمة مهرجان عشائر بني صخر والكراسي المعدة لاستقبال الضيوف, ومع ذلك رفض شيوخ الصخور الإنجرار وراء هذا الاستفزاز ومرت الأمور على خير.
وللأسف تكرر ذات السيناريو بسلبية أكبر في المفرق يوم الجمعة الماضي, فمع أن العديد من شيوخ ووجهاء المدينة طلبوا من قيادات الجماعة والحراك عدم استفزاز أبناء المدينة القبلية بامتياز, فقد نزل حوالي 30 من شبيبة الحراك إلى الشارع وكان من أول هتافاتهم: (الشعب يريد إسقاط النظام!!)..
هذا في محافظة أكثر من 90% من أبنائها ينتمون إلى قبيلة واحدة خدم السواد الأعظم من أبنائها وبناتها في القوات المسلحة على اختلاف أجهزتها.. فإن لم يكن هذا هو الاستفزاز وتعمد الإساءة فلا أعلم ما هو؟؟
بالمحصلة؛ وبعيدا عن مطالب وشعارات وأساليب الحراك الاصلاحي الاردني التي اتفق مع بعضها واختلف مع الآخر, فقد أصبح من المقلق والمعيب في آن معا ما يتعمد الحراك خلقه من استفزاز موجه نحو الإساءة للتركيبة العشائرية في الأردن, وقد زخرت صفحات التواصل الاجتماعي والتعليقات على المواقع الاخبارية منذ يوم الجمعة بالكثير من الاساءة المتعمدة والمدروسة للعشائر الأردنية, وهي ذات العشائر التي أسست الدولة, وعززت استقرارها, بل وحفظت الكيان الجغرافي والديمغرافي للبلد منذ لحظة انهيار الخلافة العثمانية -فشكل شيوخها وزعماؤها حكومات محلية استطاعت حفظ البلد من الانهيار- إلى حين تأسيس الدولة الحديثة.
باختصار؛ نحن شعب عشائري, تشكل العشيرة فيه وحدة سياسية اقتصادية اجتماعية متكاملة, وقد خلقنا دولة عشائرية, وليس في هذا ما يعيب, ومن لديه ما يقوله عن العشيرة فليقله بأدب وبعقلانية أو فليصمت قبل أن تقلب العشائر ظهر المجن.
المفضلات