العجيبة الرابعة:
جاء في كتاب آثار البلاد وأخبار العباد للحافظ أبن رجب الحنبلي قوله خراسان
بلاد مشهورة. شرقيها ما وراء النهر، وغربيها قهستان. قصبتها مرو وهراة وبلخ ونيسابور. وهي من أحسن أرض الله وأعمرها وأكثرها خيراً، وأهلها أحسن الناس صورة وأكملهم عقلاً وأقومهم طبعاً، وأكثرهم رغبة في الدين والعلم. أخبرني بعض فقهاء خراسان أن بها موضعاً يقال له سفان به غار، من دخله برأ من مرضه أي مرض كان.
وبها جبل كلستان. حدثني بعض فقهاء خراسان أن في هذا الجبل كهفاً شبه ايوان، وفيه شبه دهليز يمشي فيه الإنسان منحنياً مسافة، ثم يظهر الضوء في آخره ويتبين محوط شبه حظيرة، فيها عين ينبع الماء منها وينعقد حجراً على شبه القضبان. وفي هذه الحظيرة ثقبة يخرج منها ريح شديدة لا يمكن دخولها من شدة الريح.
بها نهر الرزيق بمرو، عليه سقي بساتينهم وزروعهم،وعليه طواحينهم. وانه نهر مبارك تبرك به المسلمون في الوقعة العظيمة التي كانت بين المسلمين والفرس. قتل فيه يزد جرد بن شهر يار آخر الأكاسرة في زمن عمر بن الخطاب. وذاك أن المسلمين كشفوا الفرس كشفاً قبيحاً، فمنعهم النهر عن الهرب ودخل كسرى طاحونة تدور على الرزيق لما فاته الهرب، وكان عليه سلب نفيس طمع الطحان في سلبه فقتله وأخذ سلبه.
بها عين فراوور، وفراوور اسم موضع بخراسان. حدثني بعض فقهاء خراسان قال: من المشهور عندنا أن من اغتسل بماء العين التي بفراوور، أو غاص فيه يزول عنه حمى الربع.
وينسب إليها أبو عبد الرحمن حاتم بن يوسف الأصم، من أكابر مشايخ خراسان، وكان تلميذ شقيق البلخي ، لم يكن أصم لكن تصا مم فسمي بذلك، وسببه أن امرأة حضرت عنده تسأله مسألة، فسبقت منها ريح فقال لها: إني ثقيل السمع ما أسمع كلامك فارفعي صوتك ! وإنما قال ذلك لئلا تخجل المرأة، ففرحت المرأة بذلك.
حكى عن نفسه انه كان في بعض الغزوات، فغلبه رجل تركي وأضجعه يريد ذبحه. قال: ولم يشتغل قلبي به بل انتظر ماذا حكى الله تعالى، قال: فبينا هو يطلب السكين من جفنه إذ أصابه سهم عرب قتله وقمت أنا. توفي سنة سبع وثلاثين ومائتين.
وينب إليها الشيخ حبيب العجمي. حكي أن حسناً البصري دخل عليه وقت صلاة المغرب، فدخل مسجداً ليصلي فيه،وكان حبيب العجمي يصلي فيه فكره أن يصلي خلفه لكونه عجمياً يقع في قراءته لحن، فما صلى خلفه. فرأى في نومه: لو صليت خلفه لغفرنا ما تقدم من ذنبك وما تأخر ! ورئي حبيب في النوم بعد وفاته فقيل له: ما فعل الله بك ؟ فقال: ذهبت العجمة وبقيت النعمة.
وبها الثعلب الطيار. ذكر الأمير أبو المؤيد بن النعمان أن بخراسان شعباً يسمى بحراً، ومن ناحية بروان بها صنف من الثعلب له جناحان يطير بهما، فإذا ابتدأ بالطيران يطير مقدار غلوة سهم أوأكثر، ثم يقع ويطير طيراناً دون الأول، ثم يقع ويطير طيراناً دون الثاني.
وبها فارة المسك. وهو حيوان شبيه بالخشف حين تضعه الظبية، تقطع منه سرته فيصير مسكاً.
المفضلات