تغنّى شعراء فلسطينيون –مساء الثلاثاء- بأنواع مختلفة من الشعر الشعبي، وسط إيقاعات أصواتهم وألحان حناجرهم الطبيعية، مبتعدين بذلك عن آلة الموسيقى الحديثة وصخبها، التي باتت تهدد هذا الشعر.
وصدحت أصواتهم وغرّدوا بالميجنا والعتابا وظريف الطول والحداء، والعديد من ألوان الشعر الشعبي الفلسطيني في مهرجانهم الأول، الذي أقيم في مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية.
وقال الشاعر الشعبي الكبير موسى حافظ للجزيرة نت إن "هذا المهرجان رغم أهميته لا ينصف هذا النوع من الشعر وإن تحيز له بعض الشيء، فأنا ضد تكريم الشاعر وهو ميت".
وأضاف أن الشعر الشعبي الفلسطيني يشهد حالة تجهيل وعولمة ثقافية، عبر مؤسسات مشبوهة تريد فرض ثقافة أخرى على الشعب الفلسطيني والإسلامي والعربي.
وتتعرض الثقافة الفلسطينية وموروثاتها من الشعر والتراث وغير ذلك لحرب كما هي الأرض والإنسان، والمطلوب -حسب حافظ- هو الصمود في هذه المعركة، لأن الخسارة فيها تعني خسارة كل شيء.
ودعا حافظ للاهتمام أكثر بالشعر الشعبي الفلسطيني أو "الزجل" كما يسميه الشعراء، والعمل –عبر مؤسسات ومراكز متخصصة- على توثيق هذا التاريخ الشفوي للشعب الفلسطيني، محذرا من ضياع هذا التاريخ كما هو حال السياسة والجغرافيا.
موسى الحافظ (يسار) دعا للاهتمام أكثر بالشعر الشعبي (الجزيرة نت)
صراع البقاء
وارتبط الشعر الشعبي الفلسطيني بالنضال والمقاومة ضد المحتل، وهذا ليس غريبا -حسب حافظ- لأن الاحتلال واقع يومي يعيشه الفلسطينيون بكل مآسيه.
ولم يتوقف الشعر الشعبي عند ذلك، بل تجاوزه إلى المناسبات الاجتماعية المختلفة من الأعراس والموالد والزراعة والحصاد، كما لم تغب الأحزان عن استخدام ألوان من هذا الشعر.
ورغم ذلك فإن الشاعر الشعبي "يجاهد" من أجل البقاء في ظل موجات الموضة الحديثة من الزمر والموسيقى، كما يقول الزجّال الشعبي محمد العرّاني.
كما أن هذا الشعر يواجه حرب الاحتلال الإسرائيلي، لكونه وطنيا ويخرج دون تكلف معبرا عن واقع الحال الفلسطيني، وقادرا على نقل الرسالة في أي مكان وزمان، وهو "أقرب من غيره إلى حس الفلسطيني".
ويأتي هذا المهرجان -في رأي الأمين العام لرابطة الأدباء والكتاب الفلسطينيين الشاعر مراد السوداني- انتباها لطاقة الخير والماء الثقيل الذي يسمى الشعر الشعبي، والذي حفظ الهوية الثقافية الفلسطينية.
واستطاع أن يؤصل مدارك الأجيال مقابل المحو والإلغاء والتدمير الذي تقوده ماكينات الاحتلال، التي تحاول النيل من الثقافة الفلسطينية محوا واستلابا وتغريبا وتشويها على كافة السياقات.
مراد السوداني لفت إلى أن الشعراء الشعبيين هم الذين أصلوا المقولة الثقافية الفلسطينية
(الجزيرة نت)
الشعر الشعبي والفصيح
ولفت السوداني -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الشعراء الشعبيين هم الذين استطاعوا أن يؤصلوا "المقولة الثقافية" الفلسطينية.
كما لا ينفصم الشعر الشعبي -حسب السوداني- عن الشعر الفصيح، وهما يتداخلان في مقولة المنشد الثقافي الفلسطيني.
وتباينت آراء الشعراء الذين حضروا من مختلف مدن الضفة الغربية والأراضي المحتلة داخل الخط الأخضر حول قلة الاهتمام الرسمي بهم وبفنهم، وقالوا إنهم أصبحوا يخشون الاندثار جراء ذلك.
غير أن الناقد والباحث في قضايا الشعر والتراث الفلسطيني الدكتور حسن السلوادي رأى أنه لا مبرر لهذه الانتقادات الموجهة للمؤسسات الرسمية، لا سيما تلك التي تتهمها بتضييع هذا الشعر.
ورفض السلوادي -في حديث للجزيرة نت- هذه التهم، وقال إن الشعر الشعبي مرتبط بالفلسطينيين في حلهم وترحالهم، ومتجذر في مختلف مناسباتهم، وهذا ما يجعله يزدهر وينمو مع الحدث، وبالتالي فإن قضية توثيقه تنبع من كونه مرتبطا بالشعب الفلسطيني ووجوده.
وأقيم المهرجان تخليدا لسادن التراث الفلسطيني عبد العزيز أبو هدبا، وأطلق كتاب "حادي فلسطين" للشاعر الشعبي الفلسطيني الأول يوسف حسون.
المصدر: الجزيرة
المفضلات