السلام عليكم
فقد رأيت كل فكرة مهما عظمت في نفسها ، وقويت حجتها ، وارتفعت محجتها ،
وأعجزت العقلاء والبلهاء ، وأوقفت الغاشمين والسفهاء ، وبينت البراهين للحلماء،
ومع ذا فلا تسلم من جناية أبناء البغاء ، الذين لا يرقبون في عهد وفاء ،
حتى تتأكد الفكرة بالقوة ، وتستند البينة على الفتوة ،
وينتصب لحمايتها مصلت السيوف ، تحسبا لأحلك الأحوال والظروف .
هكذا بدا لي الأمر ، وما عاد لي على البوح بمكنونات نفسي صبر.
إن استقراء آيات الشرع الحنيف ، مع متابعة مسيرة التاريخ يؤكد ذلك
دون أن يحيد أو يحيف .
فقد صدق المتنبي الكندي حين قال
لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِـهِ الـدَمُ
لقد كان هذا البيت من الحكمة بمكان حتى نقله فيما أعلم
أكثر من عشرة من فطاحلة الشعراء مقتبسين نصه ومعناه
عن الكندي ومن أجلهم ابن زيدون وما أدراكم ما ابن زيدون
حيث قال :
قَد قالَ شاعِرُ كِندَةٍ في ما مَضى بَيتاً عَلـى مَـرِّ اللَيالـي يُعلَـمُ
لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِـهِ الـدَمُ
وقد روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما
أنه قدم رجلان من المشرق فخطبا ، فعجب الناس لبيانهما ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من البيان لسحرا ))
وعنده من حديث أبي بن كعب مرفوعا قال (( إن من الشعر حكمة ))
أجل إنها هي هي
الحكمة بعينها
إن هنالك من الأمم الغاشمة من لا تلقي بالا لنداءات العقل ،
ولا ترفع رأسا لكل الحجج ، التي تسلم لها ألباب أهل الفهم .
لا يسلم الشرف الرفيع والعلو في الأحساب والأنساب والعقائد والأعراض
حتى يراق دم من تعرض له بالسوء ونال منه بالحسد
فإن أريق دمه سلم الشرف ممن تسول له نفسه أن يأخذه ويعتدي عليه.
وقد قال النابغة الزبياني
تَعدو الذِئابُ عَلى مَن لا كِلابَ لَهُ َتَتَّقي مَربَضَ المُستَنفِرِ الحامـي
إن هذا المعنى يعبر عن استقراء فطري لطبيعة الحياة البشرية
بما فيها من أصناف متتعدة من الخلق ونزعات متفاوتة تحركهم
وتعدد أهدافهم وتباين تصرفاتهم فليسوا على درجة واحدة من الأخلاقيات
فمنهم المصلح ومنهم المفسد ومنهم الصالح ومنهم الطالح
لذلك فإن هذه النظرية ليست حكرا على دعوة الإسلام مثلا
والتي قللت من استعمال السيف مقارنة بغيرها من الأمم
راجع ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين للندوي
حيث دخلت بلاد كاملة أمة الإسلام دون إراقة قطرة دم
ومن ثم انظر إحصائيات ضحايا الحروب الصليبيةوحدها في
القديم والحديث أو الثورة البلشفية أو الحروب العالمية تحت
مظلات الأمم المتحدة وعصبة الأمم وقوات حفظ السلام -زعموا- وراجعوا
تجويع الشعوب ومحاكم التفتيش ..........
فليس استعمال هذه النظرية ينتمي بالدرجة الأولى
لأمة الإسلام بقدر ما هي أشبه بنظرية عامة للطبيعة
البشرية خاصة عندما يغلب عليها الفاسدين وتتخبث الفطر نتيجة
ظلمة الكفر وظلمة المعاصي
لقد تقرر هذا المعنى كثيرا على ألسنة الحكماء والعلماء من أهل السنة
فضلا عن وروده في النصوص الشرعية
ومن أشهر ذلك على الإطلاق
ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
((( لايقوم الدين إلا بكتاب يهدي وسيف ينصر وكفى بربك هادياً ونصيرا )))
كانت هذه مقدمة لهذا المعنى الشرعي الاستقرائي التاريخي
ومن الأدلة الشرعية
قوله تعالى (( وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا ))
(( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ))
(( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات
ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من
ينصره إن الله لقوي عزيز))
وغيرها من الآيات الشريفة
المفضلات