عمان - عبدالجليل العضايلة - ينحصر الخيار في شكل القانون الذي يجب أن تجرى عليه الانتخابات النيابية المقبلة، من وجهة نظر سياسيين، بضرورة العودة الى قانون 89، وهو العام الذي رسخ في أذهان الاردنيين انه عام «التحول الديمقراطي».
فعقب انتظار نحو العشرين عاما لنتاج هذا التحول وفي زمن «الربيع العربي» لم تعد تطلعات الشارع الاردني تقبل بالحلول الوسط في قضية التمثيل السياسي امام طموح لا يقبل المساومة في من يمثله وكيف ؟.
فالاردنيون الذين تجاوزا قانون الصوت الواحد – انتخابات 1993- متمسكين بخيار وحيد وهو الشروع في تجربة ديموقراطية قوية ومميزة قادرة على اسناد المساعي الحكومية للإصلاح. وحتى يكون هذا ، بحسب السياسين ، لا بد من العودة الى القانون الذي أفرز المجلس النيابي الحادي عشر والذي وصف أنه « مجلس القمة « بحسب إسلاميين وقتها.
وتميل الحكومة الحالية الى العودة الى هذا القانون الذي قالت إنه يمكن أن يجد قبولا واسعا من مختلف أطراف المشهد السياسي.
فلماذا قانون الـ89؟
الاجابة على السؤال تستدعي العودة الى الوراء قليلا.
صدرت الارادة الملكية السامية باجراء الانتخابات النيابية لمجلس النواب الحادي عشر في 30-7-1989 وجرت الانتخابات في 8-11-1989 وفقا لقانون الانتخاب رقم (23) لسنة 1989 اوالذي يقرأ مع القانون رقم (22) لسنة 1986 .
إن نظام انتخاب الـ89 هو المسمى السياسي لنظام الكتلة، الذي يستخدم في الدوائر التعددية ولا يندرج تحت اﻷنظمة النسبية وإنما اﻷغلبية؛ بمعنى أن الفائزين هم من يحصلون على أعلى اﻷصوات عددا بصرف النظر عن نسبة تلك الاصوات.
ويختلف نظم الكتلة عن نظام الصوت الواحد غير المتحول أنه في هذا الاخير يملك الناخب صوتا واحداً يمنحه لمرشح واحد، في حين أن الناخب يمتلك في نظام الكتلة أصواتا بعدد مقاعد الدائرة التي ينتخب فيها.
ويكثر استخدام نظام الكتلة في البلدان التي تفتقر إلى تركيبات وأحزاب سياسية قوية.
متلازمة المرحلة والقانون
يتمسك السياسيون الذين استطلعت ( الرأي) مواقفهم بمواصفات المرحلة الحالية التي تمر بها المنطقة والاردن التي تستدعي من الحكومة التقاط الاشارة والاخذ بعين الاعتبار اهتمام الشارع بوصول ممثليهم الحقيقيين الى مجلس النواب.
لكنهم يشترطون قبل العودة الى قانون الانتخاب لعام 1989 ضرورة تطويرهذا القانون وفقاً للمعطيات الحالية والابتعاد عن تفصيل تشريعات وقوانين تساعد فئة سياسية او حزبية في الوصول الى قبة البرلمان على حساب فئات اخرى.
ويرفض وزير الداخلية الاسبق نايف القاضي أن يكون القانون « مفصلا» لإرضاء فئة دون اخرى، رغم أنه قد لا يمثلون «الفئة الاكبر من الشعب».
يشدد القاضي على ضرورة تعامل الجميع مع المرحلة بحذر شديد سيما عند تغيير القوانين وتعديلها حتى لا تؤدي هذه التغييرات المرحلية الى الاضراربالمواطن على المدى البعيد.
وفي هذا الصدد يشدد القاضي على ان يركز القانون الجديد على تمثيل اكبر لابناء البادية والريف الاردنية.
رئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان طاهر حكمت يقدم اقتراحين : إما إعادة العمل بقانون الانتخاب الذي أجريت عليه انتخابات 1989 باعتباره «أفضل صيغة توافقية للانتخاب، او إعادة قانون 89 والعمل على تطويره، على قاعدة أن هذا القانون هو «الحل الافضل».
ويشدد على أن تطوير القانون لا بد أن يراعي الظروف الحالية التي تمر بها المملكة والمنطقة بأسرها، بما يسهم في «تمثيل أكبر للشعب تحت قبة البرلمان (...) ووصول اصحاب الكفاءة والوعي السياسي الى المجلس».
ويقترح حكمت على الحكومة أن تركز على الجانب الجغرافي والديمغرافي في اسس الترشح والانتخاب بشكل أكبر « ليس من باب تقسيم المجتمع ولكن لان هذه التقسيمات ستساعد في التعبيرالحقيقي والواسع لارادة الشعب وهذا يتمثل في مزج منطقي وواضح للقائمة النسبية لتستوعب أكثر من نمط انتخابي يعود بالنفع على المجتمع ككل».
لا يحبذ حكمت أن تلجأ الحكمة الى استنساخ التجارب الانتخابية للدول المتقدمة كما هي، بل أن تضع في عين الاعتبار الوقائع والمعطيات الخاصة بالمملكة من حيث التركيب السكاني والمساحات الجغرافية على ان لا تغفل بذات الوقت المبادئ الاساسية للانتخاب من حيث النزاهة وعدم تهميش أي فئة على حساب اخرى.
أستاذ القانون الاداري والدستوري في الجامعة الاردنية الدكتور نوفان العجارمة يعتقد أن تجربة العام 1989 في عملية الانتخاب كانت «ناجحة ومرضية» للجميع حيث ان القانون الانتخابي حينها اعتادعليه الناخبون منذ خمسينيات القرن الماضي.
لكنه يقترح ان تقسم المملكة الى دوائر انتخابية صغيرة يخصص لكل دائرة مقعد واحد ما يضمن، وفقاً رأيه، اعطاء معادلة متوازنة في التمثيل النيابي.
ويشير الى ضرورة تطوير قانون الـ 89 بتوسيع عدد الدوائر الانتخابية في المملكة.
وربط العجارمة معياري الجغرافيا والسكان ببعضهما في العملية الانتخابية حيث اعتبر ان التعداد السكاني في منطقة ليس وحده كافياً لتحديد الممثلين عن هذه المنطقة فيما اعتبر أن المساحة الجغرافية لمحافظة ما لا تعتبر وحدها كفيلة باختيار عدد ممثليها.
ويقترح تقسيم المقاعد النيابية وفقاً للألوية في المملكة حيث يكون اللواء الاساس لاعتماد الدائرة الانتخابية بحيث يكون لكل لواء مقعدان في مجلس النواب على سبيل المثال ويضاف الى هذه الحصة مقاعد اضافية وفقاً لمتطلبات المنطقة من تواجد الاقليات فيها لتزيد حصتها الى ثلاث او اربع مقاعد.
صدو القانون الانتخابي المرتقب، والذي مازال في عهدة الحكومة، يعول عليه كثيرا في نقل البلاد الى مرحلة سياسية جديدة. ولأجل هذا تبادر الأطراف السياسية في تقديم مقترحاتها حول شكل النظام الانتخابي المأمول ، فهل ينحاز المشرع الى اقتراح العودة لقانون 89 ؟.
المفضلات