توقعت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية ثلاثة سيناريوهات لسوريا، الأول انقلاب سني يزيح العلويين تماما عن المشهد، والثاني انقلاب علوي يزيح عائلة الأسد عن المشهد، والثالث حرب أهلية مدمرة تمتد آثارها لتشمل المنطقة برمتها.
وفي السيناريو الأول ترى الصحيفة أن حدوث انقلاب يزيح العلويين عن المشهد في سوريا هو الاحتمال الأضعف، لأن الرئيس السوري بشار الأسد قد اتخذ قراره بقتال مناوئيه حتى النهاية. والعلويون من جهتهم أصبحوا اليوم يعتمدون اعتمادا كليا على نظام الأسد.
المعارضون السوريون للأسد يقولون إن النظام قام منذ البداية بتسليح العلويين على أساس طائفي، وقد بدأ هذا الشرخ بالاتساع ليصبح هوة عميقة بين العلويين والسنة. مجموعة الأزمات الدولية ترى من جهتها أن النظام قد أخذ الطائفة العلوية رهينة بربط مصيرها بمصيره.
وتقول الصحيفة إن الغالبية السنية الساحقة في سوريا التي بدأت الانتفاضة التي هي الأخرى أصبحت اليوم تنادي بإعدام الرئيس الأسد، ولن تقبل بنظام علوي آخر.
لكن الصحيفة تشير إلى عدم وجود مؤشرات على انشقاق رؤوس علوية كبيرة على النظام حتى الساعة.
أما حلفاء سوريا، إيران وحزب الله فهم لا يريدون نظاما سنيا يقلب الموازين في المنطقة لصالح الغريم السني المملكة العربية السعودية.
"
سمير سعيفان:
مع وجود العقوبات الاقتصادية، يصبح خيار الحفاظ على استمرار النظام (السوري) مكلفا أكثر من أي خيار آخر
"
لكن المعارضة السياسية السورية قد تقبل بنظام علوي جديد يقود مرحلة انتقالية نحو شراكة حقيقية مع السنة في البلاد، إلا أن العلويين يفضلون أن تقسم البلاد على أساس ولايات فدرالية يكون لهم فيها ولاية مستقلة، على أن يعيشوا تمت حكم الغالبية السنية.
وفيما يتعلق بالسيناريو الثاني، حيث يشكل السنة عماد القوات المسلحة السورية بينما يحتفظ العلويون بمناصب قيادية رفيعة، تقول الصحيفة إنه إذا انشق السنة من الجيش والأجهزة الأمنية وتركوا القادة العلويين بلا رعية، فإن القيادة العلوية في هذه الحالة لن تجد بدا من الدخول في مفاوضات لإنشاء سلطة جديدة تعكس التركيبة الديموغرافية في البلاد التي يغلب عليها المسلمون السنة ولا يشكل فيها العلويون سوى أقلية بسيطة، وسيحاولون التوصل إلى صيغة لتقاسم السلطة.
هذا السيناريو -تقول الصحيفة- قد يثير حماس الأتراك ويدفعهم لتقديم الدعم، حيث يتواجد بتركيا قادة جيش سوريا الحر المنشق عن نظام الأسد. لكن الصحيفة تلفت النظر إلى الجانب السلبي لهذا السيناريو، والذي يكمن في مخاوف الأقليات السورية من مسيحيين ودروز وغيرهم من ضياع صوتهم إذا ما حكم سوريا إسلاميون سنة.
وفي السيناريو الثالث، الذي تسميه الصحيفة سيناريو "أسوأ الاحتمالات"، ترى احتمال أن يتسع نطاق التوتر والمناوشات المذهبية في حمص لتشمل جميع أنحاء سوريا.
وبينما لا تزال المعارضة السورية سلمية، فإن التصدع في هذا المجال قد يضربها في أي لحظة، خاصة أن مجموعات منها بدأت بالفعل بتسليح نفسها على شكل مليشيات. والحرب إذا اندلعت والحال هذه فستكون حربا شعبية بين الموالين والمناوئين للنظام السوري.
وفي هذا السياق، ترى الصحيفة أن القوى الإقليمية سوف تتدخل لا محالة لترجيح كفة حلفائها. وستأخذ إيران والحكومة اللبنانية -التي يسيطر عليها حزب الله- والعراق إلى جانب العلويين في الصراع، بينما ستتدخل دول الخليج والدول العربية التي تنتمي أغلبيتها الساحقة للمذهب السني، لصالح الأغلبية السورية السنية المعارضة للأسد.
وفي الداخل السوري، بدأ المسيحيون السوريون بالحديث عن تسليح أنفسهم، بينما حفر الدروز ملاجئ تحت الأرض.
ويتخوف بعض السوريين من أن يغذي التدخل الخارجي –عربيا أو أجنبيا- حدوث هذا السيناريو. ويأتي هذا التخوف بعد أن تحدثت فرنسا والولايات المتحدة عن "ممرات إنسانية" لإيصال المساعدات إلى المدنيين السوريين.
وبينما لا يزال نظام الأسد متماسكا إلى حد كبير في وجه العقوبات التي فرضت عليه، فإن المعارضة السياسية السورية تأمل أن يتآكل النظام من الداخل.
ويقول سمير سعيفان الاقتصادي السوري الذي خدم في الحكومة ويصطف اليوم مع المعارضة "مع وجود العقوبات الاقتصادية، يصبح خيار الحفاظ على استمرار النظام مكلفا أكثر من أي خيار آخر".
المصدر: وول ستريت جورنال
المفضلات