حلوة: الباخرة هربت.. !
صايل الخليفات
بقلم: صايل الخليفات
لا أدري من يلقي اللوم على من ! هل نلقي اللوم على إعلامنا ؟ أم على أنفسنا ؟ وعلى أية حال يقولون "هيك مضبطة بدها هيك ختم"!
إن السمة الغالبة على عصرنا هذا ؛استنادا إلى إمكانيات الإعلام في قلب الأمور وإظهار الحق باطلا والباطل حقا، ما يعرف بـ : تسمية الأشياء بغير مسمياتها.
فلنتناول معا لفظة "هَرَبَ" لنتعرف المعنى اللغوي لها والدلالة ، ومن ثم نعرض النتيجة على ما وظّفته وتناقلته وسائل الإعلام من تعبير، ليتجرعه المستمع والقارئ وربما بإيعاز رسمي عندما قالت: "هروب" الباخرة سور.
جاء في لسان العرب: "الهَرَبُ : الفرارُ ، وقال اللحياني : و يكون ذلك للفرس وغيره مما يعدو.....( لسان العرب ، مادة هَرَبَ ). ودلالة الهروب أخذا بالمعنى اللغوي توحي بالحركة السريعة المعتمدة على المفاجأة والتخفي .
أذكر أنني كنت مرة في العقبة أنظر إلى إحدى البواخر وهي تقلع من المرسى وتنفث دخانها وتطلق صراخها مؤذنة ببدء الرحيل ، وبقيت أنظر وأعيد النظر إليها كرة بعد أخرى لأكثر من ساعة ، وأنا أراها تمخر عباب البحر في حركة سلحفائية متوغلة إلى داخله ، حيث شرعت بالمغيب في ملكوت اللارؤية منه .
لا أريد أن أكثر الشرح والتحليل لاستخدام المفردة السليم تعبيرا عن مثل هذه الحالة : باخرة محملة بما لا نعلم... تفاجئ كل إمكانيات الدولة وطاقاتها وتهرب ، في صورة توهم بسرعة الحركة وخفتها ،وأن البحر فيه ما يشبه أدغال الأمازون ، أو مسالك جبال تورابورا أو حتى "زعرور القرينة" ، فتختفي ويستحيل اللحاق بها أو العثور عليها !
وكأني بالإعلام يتعامل مع مستوى من التفكير يتأرجح مع ذلك المستوى الذي يعيشه أطفال ما دون الخامسة وبما يشبه " حكايات ما قبل النوم "!
دعونا نصحح الاستخدام : الباخرة لم تهرب ، بل سارت سير " واثق الخطوة يمشي ملكا "أمام من يعرف ومن لا يعرف الحقيقة ، ولكن الذي هرب حقيقة هو الضمير آخذا فيما حمل :الصدق ، والعدل ، و الجرأة في الحق ، والحياء ....
المفضلات