الإصلاح الأخلاقي.. أهم
م. جمال عضيبات
بقلم: المهندس جمال عضيبات
يًطالب الناس اليوم بالإصلاح والتغيير، وتختلف الشعارات والمطالب تبعاُ للثقافة والمعرفة أو تبعاُ للانتماءات الفكرية والحزبية، أو تبعاُ لما يقوله الآخرين، وتمتد الموجات ثم تنحسر، وتتغير مواقف الناس صعوداُ وهبوطاُ تبعاُ للصالح التي قد تتحقق للبعض، أو قد تتغير بعد مشاهدة اعتصام أو مسيرة، أو بعد مشاهدة مناظرة تلفزيونية أو فيلم ، والغريب في الأمر أن الجميع بغض النظر عن ثقافتهم يتحدثوا عن الإصلاح السياسي، وهذا موضوع يحتاج إلى خبرة ودراية وممارسة وليس كلنا مؤهلين للحديث عنه .
وننسى أمورا أهم من الإصلاح السياسي ، وخطرها اكبر ... تحفر في أساس المجتمع وتهدم أهم ركائزه وهم الشباب، ففي هذه الأيام يتعرض الشباب في مجتمعنا إلى هجوم شرس يهدف إلى هدم الأخلاق والعادات الأصيلة ويهدم كذلك النفسية السوية والأجسام، يقوم بها فئة لا نعرف من هي ولكن نواياها "يهودية " وهي اخطر على المجتمع من القنابل النووية، لقد أصبحنا نسمع عن موضوع بيع الحبوب المخدرة والمنشطة في المدارس والجامعات، وهي ليست من قبيل الإشعاعات والمبالغات، فلقد تكررت الأخبار بذلك وتحدث عنها طلبة الجامعات من قبيل إنها موجودة ومتاحة للجميع، وقد تباع على أساس إنها منشطات ذهنية وجنسية، ومن المؤكد أن يقوم بها ليس فرداُ واحداُ آو مجموعه بل هي شبكات منظمة ولها أهداف إستراتيجية " على مستوى البلد "، والغريب هو عدم تركيز وسائل الإعلام عليها وكذلك عدم تركيز الحكومة عليها، فلم نشاهد برامج تنبيهيه أو تعليمية عنها في وسائل إعلامنا، أو تحذيرات حكوميه منها، كما نشاهد تنبيهات حول انفلونزا الخنازير أو غيرها مثلاُ .
بالإضافة إلى الحريات الإباحية الموجودة في الجامعات الخاصة منها والحكومية، لقد أصبحت مفاهيم الحرية الأمريكية والمجون والعهر أمرا عادياُ ومستساغاُ في الجامعات وعلى مرأى من رئيس الجامعة والأستاذة والجميع، وكأن دور الجامعة هو فقط تقديم المنهج المطلوب لطلاب عقولهم تائهة وغائبة، طلاب تفكيرهم في حريتهم الخاصة وفي الخلوي والانترنت والمصطلحات الأمريكية، وانه لمن العيب والضعف أن نقلد عادات أمريكية ونحن نأكل من خبزهم وبالتالي نجبر أن نمشي في ركبهم .
وموضوع الخلوي قصة أخرى، فشركات الخلوي هي أيضا جزأُ من هذه المؤامرة، فهي تهدم أكثر مما تبني، تقدم عروضاُ فاجرة يهودية، مثل العرض الذي يقول " تحدث مجاناُ بعد 12 ليلاُ "، من هو الشخص السوي الذي يحتاج إلى هذا الوقت الطويل للحديث بعد منتصف الليل ، وكيف سيصحو في اليوم التالي ليتابع عمله أو دراسته، أو العرض المخفض المقدم للفترة العمرية من 18 إلى 24 سنة، وهذه فترة الثانوية والجامعة، ولماذا يقدم لهم العرض، من المؤكد هو لإفسادهم وتخريب عقولهم ومنعهم من العمل الجاد والإبداع، وما هي حاجة الطلاب للحديث المجاني وهم موجودين بنفس المبنى، أو عرض اليونيزون"داخل الجامعات "، وعرض التحدث مجاناُ طيلة اليوم مقابل اشتراك شهري أيضا يؤدي إلى إهمال الناس لأعمالهم وتضييع الوقت الثمين بمكالمات لا تنتهي، تفسد الأخلاق وتضيع العمل والاجتهاد، هذا بالإضافة إلى الأرقام المخصصة للشات بين الشباب والفتيات، والتي تضييع أخلاق وناموس الشباب وتضيع نقودهم وهم يتحدثون مع فتاه تتغنج وهي غالباُ موظفة رسمية لدى شركة الخلوي.
وهناك الكثير من الأمور الهادمة للمجتمع، ومع إن الحكومة هي صاحبة الولاية على كل شيء في الوطن فلا نرى أي جهد أو تأثير لها في هذا المجال، والحكومة تترك الأمور على غاربها وفقاُ للعرض والطلب، وما هي مسؤولية وزارة التعليم العالي تجاه الجامعات التي تحشو جزء من دماغه بالمعلومات بينما تدمر عقله كاملاُ باليد الأخرى، وما هو دور قطاع تنظيم الاتصالات والذي يهتم بإيصال الاتصال لكل المواطنين بينما شركات الخلوي تقطع اتصالهم مع ضمائرهم ووطنهم ومع أخلاقهم، وما هو دور وزارة الرياضة الشباب والتي توفر الملاعب للشباب وتتجاهل عقولهم ورؤيتهم للوطن والمستقبل، ولماذا نشجع الاستثمار في الموارد الطبيعية ونتناسى الموارد الإنسانية الوطنية .
البعض يطالب بإلغاء جهاز المخابرات، ولا يوجد في عالم الديموقراطيات الحقيقية من يطالب بهذا الطلب، بل نحن بحاجة إلى جهاز مخابرات أخر يهتم بما يفسد عقول شبابنا ويضرب بيد من حديد على كل من يساهم بتخريب عقولنا ولا مانع من أن يستخدموا الهراوات والتجليس على الخازوق لكل من يطلق مدافعة ورشاشاته باتجاه ضمائرنا وأخلاقنا، والإصلاح الاجتماعي والأخلاقي أولى واهم من السياسي ، لان هذا هو ما يهم المواطن بشكل عام، لان غالبية المواطنين يهتموا بتوفير حقوقهم وأمنهم وسبل عيشهم وكذلك الحفاظ على أبنائهم وبناتهم في المدارس والجامعات أكثر بكثير من اهتمامهم بطريقة تسمية رئيس للوزراء، فلا يهمني كيف وصل هذا الشخص لهذا المنصب ما دام انه يمارس ولاية الدولة على كل من فيها، وما دام يوفر لي الأمن الأخلاقي والاجتماعي .
وان الفساد الاجتماعي يؤدي للمطالبة بإصلاح سياسي فعندما يرى البعض مثلاُ فساد الاتصالات فأنهم يتمنوا لو أن وزير الاتصالات يكون إسلاميا متشدداُ دون دراسة في جامعات أمريكية فلديه من الخبراء والمهندسين ما يكفي للأمور الفنية ، وعندما ترى فساد الجامعات تتمنى أن يكون وزير التعليم العالي بدوياُ أصيلا ورعاُ للاهتمام بأخلاق الشباب ويترك الأمور الأكاديمية لمساعديه، وتتمنى أن يكون وزير المالية شيوعياُ اشتراكياُ ... وهكذا، فماذا استفدنا من شهادات الدكتوراه الأمريكية والبريطانية .. مزيداُ من الانحلال الخلقي .. مزيداُ من الديون... مزيدا من التراجع والتخبط
.
المفضلات