سميح المعايطة
لم يكن مفاجئاً لكل متابع أن يتم رحيل الحكومة، لأن التغيير كان استحقاقاً لنهج الحكم الراشد الذي يستمع إلى آراء الأردنيين، فالملك استمع للكثير من الشخصيات والقوى السياسيّة، وهو قريب دائماً من الأردنيين حيث كان واضحاً عجز الحكومة عن قيادة حوار مثمر مع قوى المعارضة بل كل القوى السياسية، ووصول فكرة الحوار إلى أفق مسدود، وكذلك من بطء الحكومة في إنجاز مسار الإصلاح وتشريعاته، إضافة إلى التردد الذي شاب أداء الحكومة تجاه بعض ملفات الفساد الكبرى التي عرفها الناس وشغلت الشارع ودفعت الدولة ثمناً كبيراً لها.
قرار التغيير احترامٌ ملكيٌ لتوجهات أغلبية نيابيّة قدمت رؤيتها لجلالة الملك في رسالة كان واضحاً أنها حجب ثقة سياسي عن الحكومة قبيل الدورة العادية لمجلس الأمة، فكان التغيير ضرورة لتوفير فرص النجاح لمسيرة الإصلاح وتشريعاتها التي ستقدم لمجلس النواب الأسبوع المقبل فكان قرار التغيير عُرفاً ديمقراطياً واحتراماً للمؤسسات الدستورية.
التغيير كان ضرورة لأن الحكومة فقدت قدرتها على الفعل، والمرحلة لا يمكن إدارتها بنجاح إلا من خلال حكومة قوية فاعلة، فكان اختيار الرئيس الجديد لإعطاء قوة دفع لمسار الدولة، والرئيس المكلف رجل بلا ملفات سلبية، ولديه علاقات إيجابية مع كل الأطراف السياسية وهو رجل قانون وقضاء دولي يملك خبرة قانونية عميقة تمكنه من الإشراف على حزمة التشريعات السياسية الإصلاحية الضرورية.
والحكومة الجديدة تحمل عبئاً كبيراً ومهمات صعبة وأمامها مهمة إنجاز خريطة الإصلاح السياسي والتي ستبدأ بإرسال قوانين الهيئة المستقلة، الانتخاب والأحزاب إلى مجلس الأمة لإقرارها، ويستدعي هذا أن يكون هناك حوار واسع مع كل القوى السياسية والاجتماعية حول هذه التشريعات حتى نحقق الهدف وهو إنجاز تشريعات توافقية.
ثم هناك التحضير وربما إجراء الانتخابات النيابية العام المقبل وهي المحطة الإصلاحية الكبرى التي لا يمكن أن تنجح إلاّ بأن تكون الانتخابات نزيهة وتشارك فيها كل القوى وتتم في أنقى الأجواء السياسية.
أما ملف البلديات، فإن الحكومة الجديدة مطالبة بقرار حاسم لوقف كل ما لحق به من لغط وجدل، فالانتخابات البلدية أرادها الملك عنواناً لنموذج الإصلاح الأردني لكن إدارتها غير المناسبة من الحكومة المستقيلة حولتها إلى مشكلة وعبء على الدولة، فإما انتخابات ناجحة وإما تأجيل لتوفير فرص النجاح.
ولأننا في مرحلة غير عادية؛ نتمنى ونتوقع أن تكون تركيبة الحكومة خالية من كل الأسس غير الموضوعية، وأن تكون قوية بأشخاصها وسجلاتهم المهنية والمالية والسياسيّة، أي أن يكونوا بلا أي ملفات سلبية وهناك مهمة كبرى وهي التواصل مع كل الأردنيين وفئاتهم السياسية والاجتماعية وحراكاتهم، والرئيس المكلف قادر بحكم علاقاته الإيجابية على فتح كل الأبواب وإزالة ما كان من طرق مغلقة للحوار.
أمنيات كبرى هي حق الأردن على حكومته الجديدة، وحق الحكومة أن تأخذ كل الدعم والفرصة الكاملة لتقدم ما لديها في تنفيذ كتاب التكليف الملكي، ودائماً لا يستحق الأردن من أبنائه إلاّ أفضل ما لديهم من إخلاص وحُسن أداء.
المفضلات