قال الله تعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم }
قال ابن كثير رحمه الله تعالى :
{ ولا تجسسوا } أي : على بعضكم بعضا .
والتجسس غالبا يطلق في الشر ، ومنه الجاسوس .
وأما التحسس فيكون غالبا في الخير ، كما قال تعالى إخبارا عن يعقوب عليه السلام أنه قال :
{ يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله }
وقد يستعمل كل منهما في الشر ، كما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" لا تجسسوا ، ولا تحسسوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا "
رواه البخاري .
وقال الأوزاعي :
التجسس : البحث عن الشيء . والتحسس : الاستماع إلى حديث القوم وهم له كارهون ، أو يتسمع على أبوابهم .
والتدابر : الصرم [ القطع ] . رواه ابن أبي حاتم .
وقوله :
{ ولا يغتب بعضكم بعضا } فيه نهي عن الغيبة ، وقد فسرها الشارع كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود : عن أبي هريرة قال :
قيل : يا رسول الله ، ما الغيبة ؟ قال : " ذكرك أخاك بما يكره " قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : " إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " .
انتهى كلامه رحمه الله تعالى
من هنا نعلم أنه لا يجوز تتبع عورات المسلمين بقصد التشهير بها وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم بالله تعالى من هذا الصنف من الناس فقال صلى الله عليه وسلم :
" اللهم إني أعوذ بك من جار السوء ومن زوج تشيبني قبل المشيب ومن ولد يكون علي ربا ومن مال يكون علي عذابا ومن خليل ماكر عينه تراني وقلبه يرعاني إن رأى حسنة دفنها وإن رأى سيئة أذاعها "
صحيح ـ السلسلة الصحيحة
وقيل شعرا :
صُن النفس وابذل كل شيءٍ ملكته ... فـإن ابـتـذال الـمال للعرضِ أصونُ
ولا تـطـلـقـن مـنك اللسان بسوءةٍ ... ففي النـاس سوءات وللناس ألسنُ
وعـيـنـك إن أبـدت إلـيـك مـعـايـباً ... لـقـومٍ فـقـل : يـا عـين للناس أعينُ
ونـفـسـك إن هـانـت عـلـيك فإنها ... عـلـى كـــل مـن تـلـقـى أذل وأهـونُ
ويجب أن تشدد عضدك بأخيك ويشدد أخوك عضده بك فنكون رحماء بيننا
أعذريني على الإطالة
بارك الله تعالى فيكم
المفضلات