العبرة دائماً بالخواتيم ، من هنا تبدأ مأساةٍ أخرى :
لم يكن لديها سوى هذا الإبن ، وعاشت لأجله شبابها ، وتنازلت لأجله عن أنوثتها حيث ترملت في سن مبكرة......
أكمل تعليمه الأساسي والمتوسط وأنهى المرحلة الثانوية ، وتجاوز المرحلة الجامعية .......
وحصل على عمل يحلم فيه كثيرٍ من أقرانه ، والأم سعيدةٌ بهذا الإنجاز واعتقدت في قرارةِ نفسها أن تعبها لم يذهب سدىً........
وبدأت تبحث له عن زوجة ، فهي تحلم أن ترى أحفادها قبل أن تداهمها المنية ...
في صباح أحد الأيام وبعد أن ألقى على أمه تحية الصباح وقبل يديها ، زف لها خبر عثوره على الزوجة التي كان يحلم بها ، فهي زميلته بالعمل وتصغره بعدة سنوات .......
مضت السنون وتزوج الإبن من الزوجة التي اختارها ، وانضمت الزوجة للأم في بيت والدته الكبير والذي كان يتألف من دورين ، وأنجبت زوجته ولدين وبنتاً .........
لقد بدأت الزوجة بالتعبير عن تأففها من أمه العجوز المسكينة ببعض التصرفات ، والتي تحولت مع الزمن لطلب من زوجها لمحاولة إيجاد سكن آخر للأم أو ستغادر المنزل .......
في النهاية رضخ الزوج لضغوط زوجته ، وقرر ترحيل والدته الحنون لدار العجزة بدون أن تدري أمه بخططه ........
ذهب إلى الدار وأبلغ الفتيات العاملات بها عن نيته لجلب والدته للدار ، و طلب من إحداهن أن تأخذ والدته للدار حال وصول سيارته حيث أصبح شخصية معروفة .........
في صباح اليوم التالي ، طلب من والدته الذهاب معه للتسوق وهي عادة ظنته تخلى عنها في الفترة الأخيرة ، فجهزت نفسها على عجل ، وسارت السيارة مسرعةً عبر الطريق السريع ، وبعد تجاوز الإشارة الضوئية الثانية وقفت أمام بوابة دار العجزة ، وطلب منها النزول وانتظارها عند البوابة لحين عودته ، فنزلت .... وتحركت السيارة بسرعة ...
وبعد ثوانٍ معدودة حضرت فتاة وطلبت من المرأة العجوز الدخول للدار ، ولكن المسكينة رفضت وقالت: أنا أنتظر ابني ......
فأخبرتها الفتاة بالحقيقة ، وأنها تعرف اسمها الكامل ، وأن سريرها موجود بالداخل ........
اغرورقت عينا العجوز وسقطت على الأرض ......... لحظات وفارقت الحياة ، ولكنها غضبت ......
اتصلت الفتاة من البدالة على ابنها وطلبت منه الحضور ، رد وقال : لماذا ؟ وهل سببت لكم أي مشكلة ؟؟؟؟؟؟
ردت الفتاة : أمك ماتت ......
دمعت عيناه ......... وكانت دموع خسارة لا ربح بعدها ..........
المفضلات