طلطميــس!
- برغم انه يتسع للكثير من مفردات التغييب وعدم الفهم والدراية بالامور، الا ان ارتباطه بمدى استيعاب المواد الدراسية اكثرشيوعا، ف''طلطميس'' صفة كثيرا ما اطلقت على طلاب كسالى وبليدين ، الى جانب نعتهم بالغباء والهبل،وغيره الكثير مما لايليق ذكره .
وتنفرد ''طلطميس'' بذكريات تعود لايام المدرسة ،يسترجع كثيرون من خلالها مدى حبهم او كراهيتهم لبعض الدروس ، فيما تجسد ذات المفردة وصفا قاسيا يتبادله بعض السياسيين وغيرهم من اصحاب الفكر والشأن والرأي .
اماالمعنى اللغوي فيبتعد كثيرا عن المفهوم ''الدارج'' بحسب استاذة اللغة العربية بجامعة الاسراء سابقا''د.سناء نعناعة '' حيث تقول بان ''طلسم '' في معجم ''لسان العرب '' تشير الى الشيء المبهم والغامض، كما وعرفت بخطوط وكتابات كثيرا ما استخدمها السحرة او اتباع بعض المعتقدات لكونها تجلب الحظ او تدفع الضرر، وفي الاغلب تكون بشكل احجار او رموز او خرز ، وجدت في حضارات عديدة مثل السومرية والبابلية والفراعنة و العرب الجاهليين .
ثقيلة اللفظ والوقع ، تعنيف من نوع اخر، اقرب الى التهمة توجه جزافا لطالب ضعيف في دروسه او غير متفاعل في الصف ، سارح طول الوقت ، بليد في استيعابه ، ويعتقد خبير تربوي ''سليم حسن'': بان شيوع هذا القول قد يكون بدأ من تساؤل كثيرا ما يردده معلمون اذا شعروا بان طالبا ما بطيء في فهمه للدروس ، مفادهانا لا اقول طلاسم ، لماذا انت طلطميس ؟) ويقول :'' .هذا كان يحدث ايام زمان ، حين ارتبطت صورة المعلم بالعصا ، وكانت اساليب التدريس تعتمد الثواب والعقاب ، وتحمل الكثير من القمع ،اذ كان المعلم لايتوانى عن ضرب طالب اذا اخطأ على وجهه او رأسه او يفرك اذنيه بقوة،دون التفات الى النتائج المؤلمة التي يخلفها احساسه بالخزي امام زملائه ، وانعكاسات ذلك على نفسيته وشخصيته، كما ان اطلاق صفة ''طلطميس''،على اي طالب مهما بلغت درجة بلادته لايقل مهانة، وهو اسلوب غيرمسموح به مطلقا ولايجوز تربويا ، لان ذلك يعزز انعزالية الطالب، لذا قبل ان نصف الطالب بذلك ، علينا ان نبحث عن الاسباب التي دفعته ليكون بهذه الصورة السلبية التي تشير الى الفشل في الدراسة والحياة معا هذا هو الاهم .
ويضيف :'' في احيان كثيرة كان يطال الاتهام ب '' الطلمسة'' طلابا مجتهدين اخفقوا ذات يوم ، مما كان يتسبب بوقوعهم في حرج بالغ ، لكن بسبب تطورانظمة التعليم والمعرفة بسيكولوجية الطفل ، تراجع استخدامها هذه الايام في الوسط المدرسي بشكل كبير، مهما بلغت درجة البلادة والكسل ، لان ذلك يعرض المعلم للمساءلة القانونية ، ولم يعد طالب اليوم كمثله في الامس ،في الماضي كان الاب يقول للاستاذ ( لك اللحم ولنا العظم ) في اشارة الى ان له مطلق الحرية في تربية وتعليم الطفل بالطريقة التي يشاء .، كذلك لابد من الاشارة الى وجود شتائم تقال من قبل بعض المعلمين بذات المستوى وبالفاظ اخرى لاتتناسب ورسالة التربية والتعليم.
ويحمل اتهام البعض لانفسهم ب''طلطميس '' بعض '' الظرف '' بخاصة اذا ما تعلق الامر بجهلهم باستخدام الكمبيوتر اوالانترنت او الموبايل مثلا ، كما أن ذات الصفة كثيرا ما تسببت في تغيير خيارات المستقبل لدى اخرين .. ويقول ''سامر 55عاما'' .مادة الرياضيات اجبرتني على اختيار الفرع الادبي ، برغم ان احلامي كانت لاتخرج عن نطاق الهندسة المعمارية، وتضيف ''هالة '' وتقاربه ذات السن : وصفي من قبل معلمتي الرياضيات واللغة الانجليزية ب ''طلطميس '' كانت السبب في عدم اكمال دراستي، ، وكانت كلتاهما تؤكدان بانه لايمكن الاستفادة مني في الدروس، وان الافضل ان اختصر الطريق واجلس في البيت بانتظار ابن الحلال.، وفعلا هذا ما حدث لان الفشل لازمني ..
وتحمل قصة طريفة نشرت في وقت سابق باحدى الصحف بعض العبرة ، وتدعو لمزيد من التريث قبل اطلاق هذه الصفة على اخرين ، ويروى بان احد الحلاقين وقد اشتهر بحبه للثرثرة ،كان يؤكد لزبائنه بانه سيريهم طفلا اقل وصف يمكن ان يقال عنه بانه ''طلطميس '' فهو يأتيه كل يوم ويخيره بين ان يأخذ دينارا او ربع دينار، فيبادر الصغير لاخذ ربع الدينار ويمشي الى حال سبيله ، الى ان اثارت الحكاية اهتمام احد الزبائن فتبع الطفل ليسأله عن سر اختياره للمبلغ القليل ، فوجده جالسا على رصيف يستمتع بالتهام قرطاس من ''البوظة '' ، ولما وجه اليه ذات السؤال ، ابتسم الطفل وقال :'' هل انا ''طلطميس'' اذا اخترت الدينار ستنتهي اللعبة واخسر كل شيء ولن يعود لمناداتي كل يوم واعطائي نقودا اخرى .!!! ويعد ''طلطميس لايعرف الجمعة من الخميس'' من الامثال الشعبية المعروفة ، اما عن سر اختيار هذين اليومين تحديدا فلربما من قبيل ترادف الالفاظ، فيما اشتهر الفنان الراحل ''حسن ابراهيم'' الشهير ب''مرزوق '' في المسلسل الاردني ''حارة ابو عواد'' بترديده ''طبرة'' وهي تحمل ذات المعنى..!!
المفضلات