*** أوضاع فلســــــــــــــطينية محزنة ..... !!! ***
محزنٌ حتى حدود النحيب والبكاء هذا الوضع الفلسطيني فكل شيء يبعث على خيبة الأمل والإحباط واليأس فبالإضافة الى الاقتتال على جلْد الدب قبل اصطياده وتقسيم أرضٍ لا تزال تحت الاحتلال وفصل غزة عن الضفة الغربية وإقامة دويلة وهمية هنا مقابل الدويلة الوهمية التي هناك يحتدم الصراع بين مراكز القوى وأيُّ مراكز قوى، في كل من الطرفين حماس والسلطة الوطنية.
لا أحلى ولا أشهى على قلب أيهود أولميرت وأيهود باراك وأيضاً بنيامين نتنياهو ان تكون الحالة الفلسطينية هي هذه الحالة المأساوية فالمطلوب أساساً من قبل هؤلاء، وكان معهم أرييل شارون الذي هو الآن بين الحياة والموت وينتقم الله منه على ما ارتكب من جرائم وقَتل أطفالٍ أبرياء، هو ان يفْرُطْ الوضع الفلسطيني على هذا النحو لإعطاء مصداقية للذريعة الإسرائيلية القائلة بعدم وجود طرف فلسطيني بالإمكان مفاوضته وإبرام معاهدة سلام معه.
كانت حماس في السابق تدعي أنها حارس الثوابت والحق التاريخي في فلسطين الذي لا يجوز المساومة عليه أو التنازل عن أي شيء منه وكانت ترفع شعار : المقاومة من المهد الى اللحد وترفض اتفاقيات أوسلو على هذا الأساس وهي بدأت خطة بقيت تنفذها خطوة بعد خطوة الى ان سحبت البساط من تحت أقدام السلطة الوطنية في غزة وأمنها وأجهزتها وأظهرتها على أنها عاجزة وفاشلة وغير ذات صلة.. وهاهي الآن بعد ان قامت بانقلابها المخزي والدموي تسير على الطريق ذاته الذي سارت عليه هذه السلطة والذي كان السير عليه ذات يوم قريب محرماً وخيانة ما بعدها خيانة.
بات إطلاق صواريخ الكذب التي كانت تعتبر عنوان المقاومة والمواجهة مع العدو الصهيوني تآمراً على القضية الفلسطينية وتشويشاً على السلطة القائمة، والمقصود سلطة غزة، وبات التمسك بوقف إطلاق النار والتهدئة غير المشروطة بأي شرط سياسي ضـــرورة وطنية بينما كان بالأمس مـــؤامرة في إطار اتفاقيات أوسلو.. وأيضاً فإن اعتراف إسرائيل بـ حماس ، وهذا ما قاله مــوسى أبو مرزوق، أصبح الاعتراف المطلوب والأهم وأصبح اللهاث وراء التفاوض مع الإسرائيليين حتى على إطلاق ســراح جلعاد شاليت مُحلَّلاً وجهاداً لا قبله ولا بعده جهاد!!.
قصة لابد من تكرارها في هذا المجال.. فقد بقي أحد البسطاء المساكين يكدح طوال عمره الى ان استطاع بشقاء العمر وعرق الجبين بناء بيت قروي متواضع لأطفاله وقبل ساعات من الانتقال إليه شاهد كلباً لعيناً يتبول على إحدى زوايا هذا المنـزل فذهب الى شيخ مسجد القرية يستغيثه ويستفتيه حول ماذا بالإمكان ان يفعله وكانت الفتوى : اهدم البيت وابنيه من جديد .. لم ينم هذا المسكين تلك الليلة وفي الصباح استجدت في ذهنه فكرة فذهب مسرعاً الى هذا الشيخ نفسه وقال له بلهفة وخبث : يا سيدي لقد رأيت ذلك الكلب اللعين نفسه يفعل على حائط منـزلك ما فعله على حائط منـزلي فماذا من الممكن ان تفعل..؟ وكان الجواب تلقائياً وبدون اكتراث : قليلٌ من الماء يطهرِّه.
الآن غدت الصواريخ، التي كانت عنوان المقاومة مؤامرة صهيونية - سكناجية ومشاغبةً على المصالح العليا للشعب الفلسطيني وغدا وقف إطلاق النار عين العقل وجهادا سياسيا لا مثله جهاد وغدت التهدئة عقلانية تقتضيها ظروف المرحلة وتستوجبها تداخلات القضية الفلسطينية وغدا التفاهم مع إسرائيل على مجرد فتح المعابر، التي كانت مفتوحة أساساً قبل ذلك الانقلاب المشؤوم، حتى عبر طرف ثالث أهم اعتراف من الممكن ان تحصل عليه حركة مجاهدة.. فماذا عدا حتى بدا.. وقليل من الماء يطهره!!.
إنها مأساة.. ولعل أسوأ ما في هذه المأساة ان الضدين اللذين يتحاربان بين بعضهما بعضاً أكثر مما يحاربان إسرائيل، بعض أوساط فتح و حماس كلها بقضها وقضيضها، يتفقان على شيء واحد وهو محاربة الكفاءة ومعاداة رئيس الوزراء الحقيقي سلام فياض الذي ساقته الأقدار في هذه الفترة بالذات ليـُبقي على ما تبقى من بصيص أملٍ وليقدم الحالة الفلسطينية، التي توجع القلب، للعالم بطريقة محترمة ومقبولة.
المصدر
جريدة الراي الاردنية
صالح القلاب
المفضلات