سناء الشوبكي
تتزايد حالات الطلاق ما قبل الدخول نتيجة عوامل اجتماعية واقتصادية تؤدي إلى الفشل في إتمام هذه العلاقة، إذ سجلت حالات الطلاق ما قبل الدخول في المملكة ما نسبه 41.1% من إجمالي حالات الطلاق الواقعة خلال عام 2010 حسب الإحصائيات الصادرة عن دائرة قاضي القضاة، حيث وصلت إلى 6462 حالة.
وأشارت الإحصائية إلى ان عدد حالات الطلاق ما بعد الدخول بلغت 5915 حالة بنسبة37.7 بالمائة.
وعن اسباب الطلاق قبل الدخول يقول مدير جمعية العفاف الخيرية مفيد السرحان ان ابرزها التسرع في الاختيار من قبل الشاب أو الفتاة دون فهم الآخر ونظرته للحياة، حيث يكتشف الطرفان أو أحدهما أنه لا يستطيع أن يتعايش مع الآخر بعد فترة قصيرة من التعامل، بالإضافة إلى تدخل الأهل في الاختيار دون رغبة احد الطرفين، بالاضافة إلى العامل الاقتصادي وكثرة متطلبات الزواج، مما يجعل الشاب غير قادر على الإيفاء بالتزاماته.
وأشار السرحان إلى غياب ثقافة الحوار بين الخاطبين مما يجعلهما غير قادرين على فهم بعضهما البعض خصوصا وان الحوار والمصارحة بين الشاب والفتاة قبل الخطبة تمكن الطرفين من فهم بعضهما فالاختلاف من طبيعة البشر ولابد أن تتصف الحياة الزوجية بقدر كبير من التسامح بين الزوجين، وإعطاء فرصة أكبر لفهم الآخر، والتعاون من أجل إنجاح الحياة الزوجية.
واقترح بعضا من الحلول للحد من هذه الظاهرة عبر غرس المفاهيم الصحيحة للزواج وبناء الأسرة من خلال وسائل الإعلام والمؤسسات الاجتماعية، بتضمينها في المناهج الدراسية وتؤكد على أهمية الأسرة، وكيفية إدارة المنزل، والتعامل مع الآخر، وأسس الحوار، وطريقة التعامل مع المشكلات الاجتماعية بصورة علمية صحيحة؛ بمعنى نشر ثقافة الزواج والأسرة بين الشباب، لما لذلك من أثر كبير في إنجاح الحياة الأسرية والتقليل من حالات الطلاق، وكذلك العمل على تنظيم دورات خاصة للمقبلين على الزواج من الشباب والفتيات.
ولفت الى ضرورة عدم إغفال دور الأهل في إنجاح الزواج أو فشله والعمل على توعيتهم ليكون دورهم إيجابياً، وعدم البت في حالات الطلاق الا بعد عرضها على متخصصين اجتماعين، والعمل على حل الخلافات والمشكلات وإصلاح ذات البين، والتوعية بآثار الطلاق السلبية على كل من الزوج والزوجة والأبناء، من حيث فرصة الزواج مرة أخرى خصوصاً للزوجة، وكذلك الأعباء المالية التي سيتحملها الزوج عند إقدامه على الزواج مرة أخرى.
علم اجتماع
من جهته بين استاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية حسين الخزاعي ان حالات الطلاق في المملكة تحدث قبل الدخول بنسبة اكبر من بعد الدخول مما يتطلب اعادة النظر بمفهوم الزواج خصوصاً لدى الفتيات قبل تخرجهن في الجامعات.
ورأى د.الخزاعي أن هناك مشكلة عدم تنظيم في الزواج بين الفتيات والشباب الذين يتزوجون للمرة الاولى وبخاصة أن نسبة الرجال الذين أقدموا على الزواج للمرة الثانية خلال العام الماضي بلغت 20% مشيرا إلى ان الزواج غير المنظم منتشر بين الشباب والفتيات بالرغم من منح اسر هؤلاء الشباب الحرية باختيار الزوج وتغير العادات والتقاليد التي كانت سائدة سابقا وتجبر الفتاة على الزواج.
وبينت دراسة متعلقة بقضايا الزواج للجنسين ان 80% من الرجال تزوجوا للمرة الاولى في حين بلغت نسبة الرجال الذين تزوجوا للمرة الثانية من نساء مطلقات او ارامل لنفس العام 20%.
واظهرت الدراسة فيما يتعلق بالاناث ان نسبة اللواتي تزوجن للمرة الاولى بلغت 89% في حين كانت النسبة للنساء اللواتي تزوجن من جديد وكن متزوجات في السابق 11% و10% مطلقات و1% ارامل.
وبين الخزاعي ان الزواج غير المنظم يسهم في ارتفاع هذه النسبة بشكل ملحوظ مشيرا الى ان الشباب والفتيات يقدمون على عقد قرانهم دون دراسة اسس الارتباط وتوافق افكارهم وتقارب بيئتهم الاجتماعية والاسرية وهي جميعها امور مهمة لاستمرارية التوافق واكمال الزواج.
رأي الدين
وقال دكتور الشريعة في الجامعة الأردنية محمد القضاة إن الأسرة هي اللبنة الأساسية الأولى في بناء المجتمع، وقد اهتم الإسلام كثيراً بها وجعل الزواج هو الطريق الشرعي الوحيد لبناء الأسرة.
وأشار إلى أن للزواج أهدافاً منها تحقيق السكن والطمأنينة كما قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ويجب الحرص على تحقيق هذه المعاني، وهذا الحرص يبدأ قبل الزواج (أي عند الاختيار) وذلك إدراكاً لأهمية الأسرة.
ومع اهتمام الإسلام بالأسرة فإنه في المقابل شرع الطلاق، إذا استحالت الحياة الزوجية التي تحقق السكينة والمودة والرحمة، وهو كما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم «أبغض الحلال إلى الله».
وقال: ينبغي أن يكون الطلاق آخر الحلول إذا استحالت الحياة الزوجية، إذ إن إجبار زوجين على العيش معاً دون رغبةٍ منهما لن يؤدي إلى وجود أسرة مستقرة، وبالتالي لن تستطيع هذه الأسرة أن تحقق الأهداف التي أرادها الله تعالى لها.
المفضلات