كتب - عبدالحافظ الهروط - تؤكد «الرأي» ان ما يفعله المنتخب الوطني لكرة القدم على الساحة الدولية، انما يشكل حالة وطنية وليس جديداً في هذا، وان الجمهور المنتمي هو المواطن الذي يناصر الاردن «ظالماً او مظلوماً».
الليلة قبل الماضية، كان الجمهور الاردني يغمر مدرجات ستاد عمان لمؤازرة المنتخب امام نظيره الصيني، ولا ندري كيف حضر قبل ساعات من بدء اللقاء وكيف عاد كل الى منزله، لأنه من المؤكد، ان قدومهم البهي الممتد من العقبة الى الرمثا ومن اقصى الشرق الى اقصى الغرب، يأتي في ظروف اقتصادية صعبة على هذا المواطن، فأين الذين قلوبهم على الوطن واين الذين يقدمون الدعم لصانعي الفوز وماذا وفروا للمحتفلين بفرح الاردن؟
المنتخب الوطني وهو يعود الى اشد المنافسات ضراوة وهي تصفيات كأس العالم ، انما يعود بنا الى الوراء يوم كانت الاسرة الاردنية عن (بكرة ابيها) تقف بقلوبها وتلهج بدعاءاتها وتشخص بأعينها اليه، لسبب واحد لا غيره، وهو ان ابناء الوطن «يقاتلون» لسمعة الوطن،اما من يظن ان الحوافز المادية وراء كل هذه النتائج الطيبة، فهذه حوافز لا قيمة لها في نفس اللاعب الاردني، ولا تذكر مما وفرته دول غنية للاعبيها ولمدربيها وخرجوا خاسرين.
عدنان حمد و»النشامى» يخوضون الساحة بصدورعارية، واجزم انهم «يقاتلون» بكل انتماء وطني ، حتى وان يحمل حمد الجنسية العراقية، وخير دليل على ذلك، فوزالمنتخب على منتخب بلاده العراق، ولو ان احتراف اللعبة يعني الانتماء للوطن الذي تقود منتخبه، الا ان حمد له مع المنتخب مواقف يعرفها الاتحاد اكثر من غيره وللإردن مكانة في قلبه،اكدها سمو الامير علي ذات مرة، عندما وصفه بـ»الاردني» وما علينا كأردنيين الا ان نقدره عليها ، سواء كسب المنتخب الوطني ام خسر.
وهذا الفرح الغامر الذي اجتاح الاردن وقد انطلق من ستاد عمان، احسب ان سمو الامير علي كان أول السعداء به ، مثلما كان قائد الوطن اول من زف له سموه بإسم «النشامى» التهنئة، والسؤال: فاز المنتخب الوطني على مرأى الاردن والقارة الآسيوية، وحضرت الحكومة اللقاء ممثلة برئيس الوزراء، فماذا كان شعور «دولته» ومن حضر من اركان الوزارة، وهم يرون هذه الجموع بحماسها وانفعالاتها، وفرحها الذي لا يوصف، وماذا سيكون حال هذه الجموع لو ان المنتخب لم يفز لا قدر الله، وقد حدث في مناسبات فائتة، رغم ان كل ما يحدث ما هو الا تنافس رياضي، يلتقي فيه العالم ؟ ومع ذلك «يقاتل الاردنيون» لاعبون وجمهور، لعل يوماً يأتي يكون المنتخب الوطني قد وضع قدمه في نهائيات كأس العالم، وان كان الدرب ما يزال طويلاً وشاقاً.
وحتى نختزل المسافة والزمن، فاننا نتمنى على الحكومة التي يقودها د.معروف البخيت ، ان تسارع الى دعم المنتخب في مسيرته الظافرة، فهو يقدّم (اليوم) صورة التحدي»اردن اهل العزم»، وان الانسان الاردني ما يزال يسكنه شعار «الانسان اغلى ما نملك»، تلك مسيرة الاندية التي تنتظر من الحكومة ذاتها والقطاع الخاص، الشروع بما يعزز الحضور، من دعم بات مستحقاً،اكثر من اي وقت مضى.
ما شاهدناه في الملعب من اداء تركناه في الملعب ، ولكن عندما تستعصي العبارات على من يتحدث، ويشطح الاعلاميون والمعلقون والمحللون وغيرهم بعباراتهم ويخرج البعض عن «النص»، فان من الحكمة ان نحّكم العقل والمنطق، لنقدم للعالم صورة حضارية عن اردننا وعن مجتمعنا، واننا لا نملك من مقومات الرياضة الا ما لنا من طاقة وانتماء، وصدق رئيس وزراء سابق عندما قال «ان هدفاً واحداً يسجله المنتخب الوطني، انما يشكل حالة وطنية في الانتماء ما يغني عن مثل هذه الندوات وكل ما نتحدث به».
المفضلات