بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
الاختلاف والتفرق سبب هلاك الأمم السابقة :
إذا تأملنا القرآن والسنة وجدنا أن سبب هلاك الأمم السابقة هو التفرق وكثرة الاختلاف لاسيما الاختلاف في الكتاب المنزل عليهم .
قال حذيفة رضي الله عنه لعثمان رضي الله عنه :
( أدرك هذه الأمة ، لا تختلف في الكتاب كما اختلفت فيه الأمم قبلهم ) ، لما رأى أهل الشام وأهل العراق يختلفون في حروف القرآن الاختلاف الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فأفاد ذلك شيئين :
أحدهما : تحريم الاختلاف في مثل هذا .
والثاني : الاعتبار بمن كان قبلنا ، والحذر من مشابهتهم .
قال تعالى :
{ ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد } (البقرة : 176) . وقوله : { وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم } (آل عمران : 19) .
ومن السنة
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
« ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم » رواه البخاري ومسلم .
فقد أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالإمساك عما لم يؤمروا به ، معللا بأن سبب هلاك الأولين إنما كان كثرة السؤال ، ثم الاختلاف على الرسل بالمعصية أي بمخالفتهم لما أمرتهم به أنبياؤهم .
هل الاختلاف رحمة ؟ :
يدعي بعض الناس أن الاختلاف رحمة اعتمادا على حديث موضوع : ( اختلاف أمتي رحمة ) . وهذا القول مردود بالكتاب والسنة والعقل .
بل قد دل القرآن على أن الاختلاف لا يتفق مع الرحمة بل هو ضدها .
قال تعالى :
{ ولا يزالون مختلفين }{ إلا من رحم ربك } (هود : 118 ، 119) .
والحديث الذي استدل به أصحاب هذه الدعوى باطل ولا يصح بحال ، ولا يوجد في شيء من كتب السنة . وهذا كاف في بطلان هذه الدعوى
يضاف إلى ذلك مخالفته للمعقول ، فإنه لا يتصور عاقل أن الاختلاف رحمة ، بعدما عرفنا المفاسد الخطيرة الناتجة عنه من التشاحن والتباغض والتهاجر بل وربما القتال والحروب التي كثيرا ما ثارت بين الناس بسبب الاختلاف ، حتى في بعض مسائل الفروع .
" أصول الايمان في ضوء الكتاب والسنة "
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
المفضلات