جهاد وطاعة في رمضان
المجاهد السيد أبو نجم أللهيبي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اما بعد : فان كل إنسان على هذه البسيطة يتفاخر بانتسابه الديني وإرتباطه الروحي بإلهه الذي يعبده ويتوجه إليه ويقدم له أنواع الطاعات لكي يتقرب إلى محبته ،والناس فيهم عابد لرب ليس له مثيل يستحق العبادة وهو أهل لأن يجازي عبده على طاعاته وقرباته وهذا الإله العظيم هو رب العالمين المستحق لجميع صفات الكمال والمنزه عن جميع صفات النقص والإخلال ومن إنتسب إليه بالعبودية رفع شأنه وأعلى مكانته وكان حبيبا له ومحبوبا عند خلقه وسخر له الدنيا تخدمه وهو يستخدمها كيفما يشاء ومما زادني عزا وفخراوكدت بأخمصي أطأ الثريادخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا أما أهل الأهواء وعبدة العباد من الأصنام والشمس والقمر والبقر وغيرها من المخلوقات فإن أقدارهم بقدر قدرة آلهتهم وأربابهم المتصفين بالعجز والخور والضعف ،فالكفار الذين عبدوا الأصنام والذين أتوا بها حجارةً من الصحراء ، وأعملوا فيها المعاول والأدوات لينحتوها ، وتكسرت منهم فعالجوها ، ووقعت فأقاموها ، وهم يرون كم هي مهينة بين أيديهم لدرجة أن أحدهم رأى الثعلب يبول برأس أحد الأصنام فقال مستنكراً حماقة هؤلاء الذين يعبدونها : أَرَبٌّ يبولُ الثَّعلَبانُ برأْسِهِ لَقدْ ذَلَّ مَنْ بَالَتْ عَليْه الثَّعَالِب ومما يروى أن رجلا كان يعبد صنما فأصابته مصيبة فأخذ يدعو صنمه ويقول يا صنم فلم يستجب له فزل لسانه وقال يا صمد فأستجاب الله الصمد له وأعطاه ما يريد فقالت الملائكة يارب هذا العبد كان يعبد صنما منذ كذا ويدعوه ولم يستجب له وهو اليوم قد دعاك مرة واحدة فأستجبت له مع أنه كافر بك غير مصدق لرسلك وأنبيائك ،فقال الحق تعالى يا ملائكتي إن كان يدعو صنما فلم يستجب له ويدعو الصمد ولا يستجيب له فما الفرق بين الصنم والصمد ، فمن له رب كهذا الرب العظيم الذي لا يجازي بالإساءة الإ عفوا وغفرانا فمن هو أعز منه ،وهو الكافي لعبده الناصر والمعز له والمذل لأعدائه ، لمَّا أرادوا أن يُلقوا إبراهيم عليه السلام في النار ضجَّت عامَّة الخليقة إلى ربها عزّ وجلّ فقالوا يا رب خليلك يُلقى في النار ائذن لنا فنطفئ عنه فقال جلَّ وعزَّ هو خليلي ليس لي خليلٌ غيره في الأرض وأنا إلهه ليس له إله غيري فإن استغاث بكم فأغيثوه وإلا فدعوه ، وجاء ملك القطر فقال يا ربّ خليلك يُلقى في النار فائذن لي كي أطفيء النار فقال جلَّ وعزَّ هو خليلي ليس لي خليلٌ غيره في الأرض وأنا إلهه ليس له إله غيري فإنْ استغاثَ بك فأغِثْه وإلاّ فدعه فلمّا أن أُلقِي في النار قال الله تبارك وتعالى(( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلااماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ )) سورة الانبياء فخرج سيدنا إبراهيم عليه السلام سالما نظيف الثياب طيب الرائحة ليس عليه من أثر البلاء شئ فنظر آزر أبو سيدنا إبراهيم إلى خليل الرحمن عليه السلام وقال له المقولة المشهورة )نعم الرب ربك يا إبراهيم ( إن سيدنا إبراهيم وصل إلى حق اليقين بأنه يعبد إلها لا يسلمه لأعدائه وأن هذا الإله العظيم قادر على أن يبطل مكر الكافرين وكيدهم ويرده في نحورهم ،فلما جاءه ملك الماء وجاءه جبريل وسألوه عن حاجته منهم وهل يريد عونا ومساعدة منهم ،كان سيدنا إبراهيم غارقا في بحر التوكل المطلق على الحق تعالى مدركا بعقل المؤمن الصادق والعارف الحاذق وموقنا بقلب سطعت في سويدائه شمس المعارف أن هؤلاء الملائكة الأطهار ما هم إلا خلق من خلق ربه تعالى لا يقدمون ولا يؤخرون من قدر الله تعالى شيئا وأن قدرتهم مقيدة بأمر وإرادة الحق تعالى فتوجه بالكلية إلى صاحب العز المطلق والقدرة والإستطاعة المطلقة وقال أما إليكما فليس لي حاجة وأما الى ربي تعالى فنعم وعلمه بحالي كاف عن سؤالي ،فجاء الرد أن أبشر يا إبراهيم ((قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ))
"سورة الانبياء وهذا الشأن والحال من الخالق العظيم ليس منحصرا بسيدنا إبراهيم فقط بل هو يتعداه لكل من وصل بإيمانه ويقينه بربه العظيم ما وصل الخليل إليه وهذا ما يجب أن يكون عليه المجاهد في سبيل الله خصوصا وهو يلاقي نارا لا تقل ضراوة عن نار النمرود ،فالذي جعل نار الخليل بردا وسلاما هو الخالق العظيم ولكن بحسن إعتقاد الخليل ،والحق تعالى قادر على أن يجعل نار أهل الكفر وعملائهم بردا وسلاما على المجاهدين وأهل هذا البلد ولكن لا بد من حسن الإعتقاد بالله تعالى وصدق التوكل والتوجه إليه وترك ما سواه وهو ما تدعونا إليه قيادتنا الحكيمة قيادة جيش رجال الطريقة النقشبندية وهو الذي يحثنا عليه قائد هذا الجيش الرباني المبارك وحينما تغلغلت عقيدة ويقين الخليل عليه السلام في قلوبنا تحقق النصر المرجو الذي لأجله نجاهد وللحصول عليه نسعى وهو إنتصارنا على هوى نفوسنا وطباعنا وعاداتنا المخالفة لشرع ربنا، أما النصر العام فقد تكفل به الخالق العظيم بقوله تعالى ((وَكَانَ حَقًّ عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)) "سورة الروم وصلّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
هذه المقالة منقولة من المجلة النقشبندية العدد37
رد مع اقتباس
المفضلات