عمان – سمر حدادين - تنفست «أم محمد» الصعداء عندما حصلت على حكم يقضي بدفع النفقة لأولادها بعد أشهر من الانتظار والمعاناة، غير أنه لم تسعد بقبض الدنانير القليلة، فزوجها يتهرب من الدفع بصورة مستمرة.
«أم محمد» ام لأربعة أولاد تروي معاناتها مع النفقة، إذ يمتنع زوجها عن دفعها بانتظام ما يؤدي إلى تفاقم أوضاع أسرتها المعيشية، مضيفة أنه على الرغم من أن مبلغ النفقة لا يتجاوز 120 دينارا إلا انه يساعد على سد جزء من احتياجات أسرتها.
وتساءلت هل هناك وسيلة تمكنها من الحصول على النفقة دون عناء وبانتظام.
ما تعانيه «أم محمد» يواجهه العديد من المستحقين للنفقة معاناة يومية أمام المحاكم لتحصيل الدنانير القليلة المستحقة لهم بقرار قضائي، ما يحتم التعجل بإصدار نظام يحدد عمل صندوق النفقة، الذي نص على إنشائه قانون الأحوال الشخصية المؤقت لعام 2010.
وتطالب الهيئات النسائية بالإسراع بتفعيل صندوق تسليف النفقة بإصدار النظام الذي يحدد عمله وصلاحياته، لوضع حد للمعاناة والتعب النفسي الذي يترتب على أسر عديدة جراء تهرب أو تعنت المحكوم عليه بالنفقة.
ويهدف إنشاء الصندوق إلى «ضمان تنفيذ حكم النفقة الذي يتعذر أو يتعثر تنفيذه بسبب تغيب المحكوم عليه أو جهل محل إقامته أو عدم وجود مال ينفذ منه الحكم أو بسبب تهربه أو تحايله أو عجزه عن الوفاء بشكل دائم أو مؤقت، جزئي أو كلي».
وتنص المادة321 من قانون الأحوال الشخصية على أن»ينشأ صندوق يسمى ( صندوق تسليف النفقة)، على أن «يحل الصندوق محل المحكوم له أو المحكوم عليه فيما لهما من حقوق مالية لتحصيل المبالغ التي سلفها مع المصاريف، وله الحق في إقامة الدعاوى لدى المحاكم المختصة لاسترداد أمواله من المحكوم عليه أو المحكوم له حسب مقتضى الحال».
على أن « تحدد كيفية إدارة الصندوق وآلية عمله وكيفية التسليف والتسديد وموارده من رسوم ومنح وهبات ومساعدات وغيرها بموجب نظام يصدر لهذه الغاية.
وتظهر أرقام دائرة قاضي القضاة أن إجمالي دعاوى النفقة الخاصة بالأولاد في المملكة العام 2010 بلغت 6486 قضية وصلت قيمتها إلى 277516 دينارا و925 فلس، وكان متوسط الحكم بالنفقة بالمملكة 42 دينارا و787 فلسا.
فيما إجمالي دعاوى النفقة الخاصة بالزوجة في المملكة خلال العام 2010 كانت 7369 قضية، وصلت قيمتها 408349 دينارا و550 فلسا، وكان متوسط الحكم بالمملكة 55 دينارا و415 فلسا.
وبينت المستشارة القانونية في جمعية المعهد الدولي لتضامن النساء وداد البطوش أن المشاكل التي تواجهه المرأة بموضوع النفقة هي طول أمد الجلسات، وتهرب الزوج عن الدفع بالنشوز، وعدم تعاون بعض القضاة الشرعيين بإصدار قرار بنفقة معجلة، وبطأ بتنفيذ قرارات الحبس من التنفيذ القضائي.
ولأجل ما سبق تدعو المحامية البطوش أن يخرج النظام إلى حيز الوجود بالسرعة الممكنة لأهميته بإنقاذ المستحقين نساء ورجال وأولاد، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، لافتة إلى أن الحاجة تدفع المستحقين إلى سلوك درب التسول، والبحث عن أعمال غير مناسبة ترغم الأولاد على ترك المدرسة.
وقالت أن آلية تقدير النفقة للمستحقين تخضع لمعدل الدخول في الأردن، مشيرة على أن الزوج الذي يعمل في قطاع الأعمال الحرة أو الأعمال الخاصة يصعب معه تقدير حجم دخله، ما يساعد على التهرب عن الدفع وفقا لدخله الحقيقي.
ومعظم الشكاوى المتعلقة بالعنف التي ترد إلى مكتب شكاوي المرأة تتعلق بموضوع النفقة على ما قالت المستشارة القانونية في المكتب دانيا الحجوج.
وبينت أن بعض الأزواج ابتدعوا طرق مختلفة لتهرب من دفع النفقة، كنقل أموال وأملاك إلى أقرباءهم ليثبتوا ضيق الحال، وحتى يتعذر إثبات الدخل.
وأوضحت المحامية الحجوج أنه يتم استصدار قرار حكم بصرف النفقة، لكن لا تحصل عليها المرأة إما لغياب الرجل خارج البلاد أو عدم وجود عنوان يدل عليه، فتصبح النفقة عبارة عن أرقام على ورق»، ما يحتم وفق الحجوج الإسراع بإصدار نظام تفعيل صندوق تسليف النفقة.
ما قالته الحجوج يعبر عن الحال الذي تعيشه أم محمد وأخريات كثيرات فقيمة النفقة «أرقام على ورق»، على حين تولي صندوق تسليف النفقة الأمر.
المفضلات