كتب :عماد عبد الرحمن - يترقب الأردنيون ما ستتمخض عنها مخرجات اللجنة الملكية لمراجعة نصوص الدستور،التي يتوقع تسليمها الى جلالة الملك عبد الله الثاني يوم غد الأحد
هذه المخرجات ستمثل نقلة نوعية وثورة بيضاء ناصعة، على صعيد الحياة التشريعية في البلاد، كون الدستور يعتبر «أبو القوانين» ويحدد هوية الدولة وتوجهاتها في ضوء الأحداث والظروف السياسية الداخلية والمحيطة.
والى حين الإعلان عن تفاصيل التعديلات الجديدة التي سُربت بعضا منها خلال الفترة الماضية، ستتغير الكثير من الأحكام والمعتقدات والنوايا تجاه خيار الإصلاح، ما بين المعارضة والحكومة، وسَتُفَنِدْ تلك المخرجات ما حاول البعض تصويره عند تشكيل اللجنة بأنها «محاولات لشراء الوقت»، كما سيتيقن الجميع من أن لا عودة الى الوراء فيما يتعلق بحتمية تطوير الحياة السياسية في البلاد.
المطلوب في هذه المرحلة السياسية الهامة والتاريخية القراءة المتأنية والدقيقة للتعديلات الجوهرية التي ستطال نحو 45 مادة من أصل 131،قبل إصدار الأحكام أو الانتقادات التي درجنا على إطلاقها عند طرح أفكار ورؤى جديدة،تتعلق بالشأن العام،خصوصا وان الأمر يتعلق بمرحلة سياسية وعقد اجتماعي جديد بين القائد والشعب،من شأنه تعزيز الاستقرار والأمن وتكريس الديمقراطية العميقة،وحماية الحقوق الأساسية للمواطن،وتحقيق الحُكم الفعال وتكريس مبادئ الشفافية،العدالة ،المساءلة والمحاسبة.
التعديلات الجديدة جاءت بناء على مطالب وتطلعات ومناشدات ،في الساحة تطالب بمراجعة التعديلات التي طرأت على الدستور الأردني، حيث طالب البعض بالعودة الى نصوص دستورية سابقة، في حين دعت آراء اخرى الى التقدم بالدستور نصا وروحا للارتقاء بصيغة العمل السياسي الوطني وترسيخ النظام الملكي النيابي، وتأثرت آراء أخرى بضغوط التطورات الإقليمية دون وعي بطبيعة وموائمة التعديلات لخصوصية وبنية الحياة السياسية.
هذه المخرجات، تُثبت بما لا يدع مجالا للشك،الرغبة الحقيقية لدى مؤسسة صنع القرار في معالجة وتبني المطالب الإصلاحية وتطلعات الرأي العام الأردني وقواه السياسية الحية ،خصوصا وأن تلك القوى أكدت حرصها ورغبتها في المحافظة على الأمن والاستقرار وحماية المكتسبات التي تحققت، والرغبة في تعزيز ورفد الحياة السياسية بروافع تشريعية جديدة تلاءم حاضر الأردن ومستقبله، فخرجت 2600 مسيرة واعتصام على مدى 7 أشهر ،لم يبلغ الحكام الإداريين إلا في خمسة منها.
المُتصفح للدستور الأردني ،يَلحَظ ضرورة وحتمية إجراء هذه التعديلات دون إبطاء،خصوصا فيما يتعلق بإرساء مبادئ الفصل بين السلطات، وأهمية إضافة مؤسسات دستورية جديدة مثل المحكمة الدستورية وهيئة الإشراف على الانتخابات، وإعادة محاكمة الوزراء للقضاء بدلا من مجلس النواب،وجعل الفصل في صحة النيابة من اختصاص القضاء وليس من اختصاص مجلس النواب ومنع الحكومات من إصدار قوانين مؤقتة،وضمان المزيد من الحريات في مجال التعبير والحريات الإعلامية والمساءلة القانونية،والعدالة الاجتماعية والتعددية الفكرية والسياسية.
هذه الإضافات ترتبط أيضا بمخرجات لجنة الحوار الوطني بخصوص مشروعي قانوني الانتخاب والأحزاب، فهناك علاقة قوية بين مخرجات لجنة الحوار التي تضمنت التنسيب بإجراء 11 تعديلا دستوريا،وبين تطوير القوانين الناظمة للحياة السياسية في البلاد وفي مقدمتها مشروع قانون الانتخاب الجديد الموجود في ديوان التشريع والرأي حاليا والذي يرتبط دخوله حيز التنفيذ بعد المرور بالقنوات الدستورية، بإقرار التعديلات الدستورية،التي تحتاج أيضا الى المرور بقنواتها الدستورية المعهودة.
اللجنة الملكية التي راجعت التعديلات برئاسة احمد اللوزي، قرأت دستور عام 1946 وتعديلاته التي صدرت عام 1952 الذي جاء بعد قرار الوحدة بين الضفتين عام 1950،وما طرأ عليه من تعديلات على مر العقود،وأخذت منها الكثير،هذه اللجنة مثلت حكماء السياسة في الأردن، لإظهار البعد السياسي في الأمر، وبطبيعة الحال ستأخذ مخرجات اللجنة طريقها للصياغة القانونية من قبل فقهاء التشريع والقانون، ولا ضير في أن تخضع مخرجاتها للحوار والتدقيق الهادف والبناء،الذي لا يسعى إلا الى تحقيق الإصلاح والتقدم خطوات الى الأمام،بدلا من إصدار الأحكام المسبقة أو احتراف المعارضة كنهج وخيار وحيد.
www.imadjmi.wordpress.com
المفضلات