الاحتلال الصهيوني للأرض العربية، بات يفيض بتعابير كثيرة، دالات عليه في تلازمية تبدد وهم انفصالها عنه في المعنى جوهرا او شكلا. ومن هذه التعابير الابادة، القتل، الاستيطان، العنصرية، التشريد، لتؤكد هذه التلازمية أن الاحتلال البشع هو استيطان وان الاستيطان هو احتلال وعنصرية، والاحتلال يقوم على سرقة الأرض، فهو مخالف بطبيعته للشرائع والقوانين والأعراف، ولا يستطيع أحد أن يخفيه، تماماً كالاستيطان المتصاعد بوتيرة عالية في فلسطين المحتلة.
والعدو الصهيوني هو ذاته منذ بداياته في عصابات شتيرن والهاغاناه والاراغون، وأصبح زعماء هذه العصابات هم الطبقة الحاكمة في إسرائيل، وآخر نسخة منهم: نتنياهو، ليبرمان، ايهود باراك. لكن هذا الاستنساخ العنصري ليس هو النهاية، ما دامت الأرضية العنصرية جاهزة لتوليد المزيد. وتشير الوقائع والأحداث في المنطقة إلى أن الاحتلال الصهيوني لم يغيّر شيئاً من استراتيجيته العنصرية التي يتباهى بها أمام الأمم الحرة التي تدافع عن الحريات وحق الشعوب، بل ان هذا العدو قد سعى إلى تغذية هذه الاستراتيجية وتطويرها.
والمشكلة الخطيرة التي لا بد من الإشارة إليها أننا نحن العرب نقف دائماً على عبث التغيير أمام العنصرية الصهيونية والداعمين لها، ومع كل تراجع عربي كانت العنصرية الصهيونية جاهزة دائماً لملء الفراغ، دون التوقف عن الاستيطان الذي ملأ الأرض الفلسطينية. وهذا يثير سؤالاً ألا وهو: هل بقي من لا يزال يراهن على بذرة خير في الاحتلال الصهيوني القابض على الأرض والتسوية، بكل ما تحويه كلمة الاحتلال من معنى؟ وهل من يراهن أو يعتقد أن الإدارة الأميركية ستتبدل أو ستتحرك لإذابة جليد الحلول في المنطقة؟ نحن الآن نتطلع إلى شهر أيلول المقبل والخطوة الفلسطينية المرتقبة نحو الأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية، مع الادراك أن ثمة جبالا من العراقيل ستوضع أمام هذه الخطوة الفلسطينية، فإن من عرقل تطبيق القرار (181) الذي قضى بالاعتراف بقيام دولة فلسطينية، فإنه يسعى لإعادة الكرة مرة أخرى بطرح البدائل، وادخال الفلسطينيين في التفاوض إلى ما لا نهاية، ليبقى الفلسطينيون أسرى عملية تفاوضية تدور حول نفسها، وهم الذين قد وعوا الدرس من تجارب سنوات من التسويف والتماهي الأممي والدولي، لذا بات لزاما القيام بمراجعة عقلانية، ذات خطوات مبرمجة، وبناء خارطة طريق خاصة، مناقضة تماماً لكل ما فات من هذه الحقوق، وما اعتمد خلال عقود من التعامل مع العدو الصهيوني وارهابه وعنصريته، وعلى الجميع الحذر وان يضعوا في اعتبارهم ذلك الكم الهائل من التضليل القادم في الطريق.
أيوب سالم عالية
المفضلات