بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
الإحسان :
لغة : فعل ما هوحسن ، مع الإجادة فى الصنع ( كما فى المعجم الوجيز ) .
شرعا : أن تعبد الله كاًنك تراه ، فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك .
فهوفعل ما ينبغى أن يفعل من الخير فضلا ومحبة ، والأفضل أن يكون ذاتيا دائما دون نقص أو انقطاع ، لأنه عمل بالفضائل ، ولأنه قربة إلى الله تعالى .
وجاءت مادة " حسن " فى القرآن الكريم بجميع صيغها ما يقرب من مائة وخمس وتسعين مرة منها اثنتا عشرة مرة بلفظ " إحسان " وهذا دليل على أهمية هذا المقام فى الإسلام ، حيث أمر به الله عزوجل فى مثل : { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } النحل :90 .
ويقوم الإسلام على ثلاثة أمور ، هى : الإسلام والإيمان والإحسان . فالاحسان : جزء من عقيدة المسلم ، كما دل عليه حديث جبريل وهو متفق عليه فقد سأل جبريل عليه السلام عن هذه الثلاثة ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا جبريل أتاكم ليعلمكم أمر دينكم " ، رواه البخاري ومسلم ، فسمى الثلاثه دينا ، وفى الإجابة عن الإحسان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الإحسان أن تعبد الله كانك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " رواه البخارى .
وأوضحت السنة النبوية أن الإحسان كالروح يجب أن يسرى فى كل أمور المسلم .
قال النبى صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شئ . . " رواه مسلم .
والإحسان فى العبادات : يكون باستكمال شروطها وأركانها ، واستيفاء سننها وآدابها مع استغراق المؤمن فى شعور قوى بأن الله عز وجل مراقبه حتى لكأنه يراه تعالى ويشعر بأن الله تعالى مطلع عليه ، كما جاء في حديث جبريل عليه السلام .
والإحسان فى باب المعاملات : يكون ببر الوالدين ، من حيث طاعتهما ، وإيصال الخير إليهما ، وكف الأذى عنهما ، والدعاء والاستغفار لهما ، وإكرام صديقهما ، وإنفاذ عهدهما .
قال تعالى : { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا } ثم ذكرت الاية ثمانية أصناف أخرى يجب لها الإحسان وهى : { وبذى القربى واليتامى والمساكين والجارذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم } النساء :36، وكذلك ورد توجيه نبوى فى الاحسان إلى الخادم ، وذلك بإعطائه أجره قبل آن يجف عرقه ، وبعدم تكليفه ما لايطيق . فإن كان مقيما بالبيت فليأخذ حقه من الطعام والكساء ، كما فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أتى أحدكم خادمه بطعام ، فإن لم يجلسه معه ، فليناوله لقمة أو لقمتين ، أو أكلة اًو أكلتين ، فإنه وَلِى علاجه " رواه البخارى .
والإحسان إلى الزوجة كذلك بعض ما أمر به الاسلام فى حسن معاملتها وإيفائها كافة حقوقها وحسن عشرتها ، والاحتكام إلى أهلهما إن اختلفا ، وعدم الاضرار بها بوجه من الوجوه كما ورد فما غيرآية من القرآن وفى قوله صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم " حسن ـ الترغيب والترهيب . وقوله صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله واًنا خيركم لأهلى " صحيح ـ السلسلة الصحيحة .
وهكذا يتنوع الإحسان تبعا لأحوال الاخرين : فهو للأقرب ببرهم والرحمة بهم والعطف عليهم مع الأقوال والأفعال الطيبة .
ولليتامى : بصيانة حقوقهم ، وتأديبهم ، وتربيتهم ، وعدم قهرهم .
وللمساكين : بسد جوعتهم ، وستر عورتهم ، والحث على إطعامهم ، وإبعاد الأذى والسوء عنهم .
ولأبناء السبيل : بقضاء حاجتهم ، وسد خلّتهم ، وصيانة كرامتهم وبإرشادهم وهدايتهم .
ولعامة الناس : بالتلطف فى القول ، والمجاملة فى المعاملة ، مع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ورد حقوقهم ، وكف الأذى عنهم .
والإحسان للحيوان : بإطعامه إذا جاع ، ومداواته إذا مرض ، والرفق به فى العمل ، وإراحته من التعب .
ومن الإحسان : كثرة الجود ولا سيما فى رمضان اقتداءا برسول الله صلى الله عليه وسلم وكما روى ابن عباس : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان اًجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل . . . " رواه مسلم .
والإحسان فى العمل إنما يكون بإجادته ، وإتقان صنعته ، مع البعد عن التزوير والغش ، روى فى الحديث النبوى : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا اًن يتقنه " صحيح ـ السلسلة الصحيحة ، والإتقان إحسان الصنع .
منقول للفائدة
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
المفضلات