د . عائض القرني
ان جعلت في هذه الدار أو افتقرت أو حزنت أو مرضت أو بخست حقا أو ذقت ظلما فذكر نفسك بالنعيم ,
إنك إن اعتقدت هذه العقيدة وعملت بهذا المصير , تحولت خسائرك إلى أرباح وبلاياك إلى عطايا .
إن أعقل الناس هم الذين هم الذين يعملون للآخرة لأنها خير وأبقى
وأن أحمق هذه الخليقة هم الذين يرون أن هذه الدنيا هي قرارهم ودارهم
ومنتهى أمانيهم فتجدهم أجزع الناس عند المصائب , وأندمهم عند الحوادث ,
لأنهم لا يرون إلا حياتهم الزهيدة الحقيرة لا ينظرون إلا إلى هذه الفانية
لا يتفكرون في غيرها ولا يعملون لسواها ,
فلا يريدون أن يعكر لهم سرورهم ولا يكدر عليهم فرحهم , ولو أنهم خلعوا حجاب الران عن قلوبهم ,
وغطاء الجهل عن عيونهم لحدثوا أنفسهم بدار الخلد ونعيمها ودورها وقصورها
ولسمعوا وأنصتوا لخطاب الوحي في وصفها , إنها والله الدار التي تستحق
الاهتمام والكد والجهد .
هل تأملنا طويلاً وصف أهل الجنة بأنهم لا يمرضونولا يحزنون ولا يموتون ,
ولا يفنى شبابهم , ولا تبلى ثيابهم , في غرف يرى ظاهرها من باطنها, وباطنها من ظاهرها ,
فيها ما لا عين رأت , ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر , يسير الراكب في شجرة من
أشجارها مائة عام لا يقطعها , طول الخيمة فيها ستون ميلاً , أنهارها مطردة ,
قصورها منيفة قطوفها دانية عيونها جارية , سررها مرفوعة أكوابها موضوعة نمارقها مصفوفة ,
زرابيها مبثوثة , تم سرورها , عظم حبورها , فاح عرفها , عظم وصفها , منتهى الأماني فيها
فأين عقولنا لا تفكر ؟! ما لنا لا نتدبر ؟!
إذا كان المصير إلى هذه الدار ؛ فلتخف المصائب على المصابين ,
ولتقر عيون المنكوبين , ولتفرح قلوب المعدمين .
فيا أيها المسحوقون بالفقر ,المنهكون بالفاقة المبتلون بالمصائب , اعملوا صالحا ؛
لتسكنوا جنة الله وتجاوروه تقدست أسماؤه .
{ سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }
﴿الرعد: 24﴾
من أقوال السلف
- ما رأيت رجلا أوليته معروفا إلا اضاء ما بيني وبينه ولا رأيت رجلا أوليته سوءا إلا ظلم ما بيني وبينه .
- يجب أن تؤمن بأقوالك وأن تعقل كلماتك وأن تخدم غيرك في حياتك
وأن تكون شجاعا في قرارك .
- من كثرت أياديه قلت أعاديه
ومن كرم عنصره حسن مخبره
ومن طال سروره قصرت شهوره
- إن مثل القلب كالقصر والمعرفة فيه سلطان
والعقل أمير على الأركان له تبع وأعوان واللسان ترجمان والسر من خزائن الرحمن .
- إذا كان لك قلب رقيق كالوردة
وإرادة صلبه كالفولاذ ويد مفتوحة كالبحر وعقل كبير كالسماء فأنت من صناع الأمجاد .
سئل الإسكندر : أي شيء نلته بملكك أنت أشد سرورا به ؟
قال : قوتي على مكافأة من أحسن إلي بأكثر من إحسانه .
- من لم تؤدبه الكرامة ... قومته الإهانة .
منقوول للفائدة
المفضلات