ا
تميز مهرجان التضامن السنوي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هذا العام والذي عقد في الثامن عشر من الجاري في باريس، بأهمية استثنائية خاصة جدًا، حيث لفت أنظار مختلف الأوساط السياسية والإعلامية في الدول الغربية، إذ أن الجمع الغفير الذي حضره من أبناء الجالية الإيرانية من مختلف دول اوروبا والعالم والذي قدر بأكثر من 100 ألف شخص، إلى جانب حضور عدد كبير من الساسة والبرلمانيين الغربيين والعرب، أعطى لمهرجان هذا العام سياقا يختلف تمام الاختلاف عن مهرجانات الاعوام الماضية، ولاسيما انه يتزامن مع الربيع العربي وأفول نجم الكثير من النظم الديكتاتورية العربية والإيذان ببدء مرحلة سياسية - فكرية جديدة في المنطقة.
النظام الإيراني المتطرف والذي يتوجس ريبة من الزلزال الشعبي الذي يضرب دول المنطقة بعنف ويتخذ مختلف التحوطات من أجل الحفاظ على نفسه من تداعياتها، سبق له وان واجه منذ العام 2009، واحدة من أضخم الانتفاضات الشعبية بوجهه، عقب الانتخابات الأخيرة للرئاسة والتي تعتبرها الاوساط الشعبية والثقافية الإيرانية قد طالتها عمليات تزييف واسعة وبناء على ذلك ترى إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد لمنصب الرئاسة غير قانونية ومطعون في شرعيته، هذه الانتفاضة التي تعتبرها الأوساط المختصة بالشأن الإيراني، بمثابة نقلة نوعية في عملية الرفض والمجابهة الجماهيرية مع نظام ولاية الفقيه الاستبدادي، جاء الربيع العربي ليوفر له بعدًا وعمقاً معنويين و يمنحه زخما غير عادي، ما دفع رجال الدين لكي يمارسوا مختلف أنواع الحيل السياسية من أجل الالتفاف على الانتفاضات والثورات الشعبية العربية والسعي إلى إفراغها من مضامينها ومحتوياتها الحقيقية، بل ان وصول الزلزال الثوري العربي الى دمشق والتي تعتبر الحليف الستراتيجي لطهران في المنطقة، أثار رعب رجال الدين وأطار صوابهم حتى أنهم ومن فرط تخوفهم من المستقبل الاسود الذي ينتظرهم بعد سقوط نظام بشار الاسد، دفعوا بحليفهم "حزب الله" لكي يتدخل إلى جانب أفراد ومجاميع من الحرس الثوري الايراني لحماية النظام السوري الذي بدأ العد التنازلي لسقوطه.
وقد كان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية سباقا لكشف هذا الدور والتواطؤ الخبيث للنظام الإيراني وصنيعه "حزب الله" في مجرى الأحداث في سورية، بل انه نبه وحذر من ذلك على لسان قادته وان مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من جانب المقاومة الإيرانية قد أكدت في خطابها بمهرجان التضامن آنف الذكر أن: "من أفغانستان إلى العراق وسورية تطالب الشعوب في كل مكان بقطع أيدي هذا النظام في بلدانهم"، وباتت كل الشعوب تدرك من خلال تصاعد وعيها أن الدور المشبوه لهذا النظام تجاوز ويتجاوز حدوده المألوفة وان الساعة قد حانت لوضع حد نهائي للتدخلات السافرة لهذا النظام بالشؤون الداخلية لمختلف الدول العربية.
ان تقاطر أكثر من 100 ألف إيراني في مختلف دول أوروبا على باريس واشتراكهم في مهرجان التضامن بتلك الصورة الحماسية اللافتة للنظر إلى جانب أنه يعتبر بمثابة أكثر من 100 ألف رسالة جدية للنظام، فإنه أكد أيضا من جديد للعالم أجمع ولهذا النظام المتطرف بخاصة بقوة الدور والتواجد الجماهيري للمجلس الوطني الإيراني للمقاومة وطليعته المناضلة منظمة مجاهدي خلق ومثلما اعترف النظام نفسه وعلى لسان قادته بدور منظمة مجاهدي خلق في الانتفاضة الإيرانية المندلعة بوجهه فان المسألة الأهم من كل ذلك، أن مهرجان هذا العام قد تميز أيضًا فيما تميز بحضور آلاف عدة من الجالية العربية المتواجدة في دول اوروبا، بالإضافة إلى الكثير من الشخصيات السياسية والدينية والبرلمانية والاعلامية العربية ما مزج وبقوة بين الحالتين العربية والايرانية وأكد للعالم أجمع وحدة الهدف النهائي للشعوب العربية والشعب الإيراني في التأسيس لنظام سياسي حر وديمقراطي وإنهاء النظم الديكتاتورية في المنطقة وعلى رأسها النظام الإيراني.
لا ريب ان الدول العربية التي تلاحظ تصاعد الدعم والمساندة والتفهم الدولي لدور ومكانة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، يجب أن تأخذ هذه المسألة بجدية وتلتفت إلى ذلك وتمد جسور علاقات مثمرة مع هذا المجلس ولا تأبه لرجال الدين الموتورين والمهووسين بالتمسك بالسلطة في طهران وترد لهم الصاع صاعين على تدخلاتهم المستمرة من خلال اعترافها بدور ومكانة هذا المجلس.
كاتب و صحافي عراقي
المفضلات