أثار مناقشة مشروع القانون المعدل لقانون العقوبات أمام نواب المجلس الشعبي الوطني جدلا واسعا من طرف النواب خاصة فيما يتعلق بالشق المتعلق بتعديل المواد المتضمنة في قانون العقوبات بالشكل الذي يلغي تجريم جنحة الصحافة واستبدال الحبس بالغرامة المالية التي تتراوح مابين 15 و75 مليون سنتيم حسب نص المادة 114 مكرر والتي تدخل حسب وزير العدل في إطار حماية الضحايا من كل انحراف صادر عن الصحافة ويهدف إلى ضمان التوازن بين حرية الصحافة وحماية الحقوق والحريات·
وهو التعديل الذي رآه النواب مبالغ فيه جدا من حيث قيمة الغرامة المالية خاصة الوضع الاجتماعي السيء للصحفي والتي يعد بمثابة عبئا ثقيلا يضاف إلى أعبائه في حين رأى وزير العدل أن هذه الاقترحات من شأنها "تسهيل ممارسة مهنة الصحافة إذا تم تعزيزها بمدونة أخلاقيات المهنة التي يجب أن تضع قواعد الممارسة النزيهة والموضوعية لهذه المهنة" موضحا أن ممارسة حق حرية التعبير "تتبعه واجبات ومسؤوليات يجوز إخضاعها لبعض القيود المحددة بنص القانون" كما أضاف الوزير بأن هذه القيود "ضرورية لاحترام حقوق الآخرين وسمعتهم أو لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العمومية أو الآداب العامة"·
من جهة أخرى أكد بلعيز أن رفع التجريم عن جنحة الصحافة "لا يعني لا مساءلة مطلقة ولا عقاب" مُنبها أن تشريعات كل دول العالم لا تخلو من تجريم ما قد ينطوي عليه عمل الصحافة من عدم احترام لحقوق الآخرين وأن الاختلاف بين التشريعات في هذا المجال كما أوضح ممثل الحكومة "يرجع إلى اختلاف التقدير لهذه الأمور والذي سببه اختلاف الأوضاع الثقافية للأمم والشعوب" مضيفا أن الغرامة المالية هي العقوبة المكرسة في غالبية التشريعات العالمية فيما يخص جنحة الصحافة·
كما عرض الوزير تعديل قانون العقوبات والقانون المتعلق بالوقاية من الفساد، موضحا أن تعديل المواد الخاصة برفع التجريم عن فعل التسيير لا تعني "الإفلات من القصاص إذا ما ثبتت جريمة أو جنحة فساد ومساس بالمال العام" مشيرا إلى أن الغرض من التعديل هو "زرع المزيد من الثقة في نفوس الإطارات والمسيرين العموميين لكي يعملوا في كنف الطمأنينة واضعين ثقتهم في الدولة والعدالة"·
كما كشف بلعيز أن ممثلين عن عدة مؤسسات وهيئات عمومية ممن لهم علاقة بتسيير المال العام وإدارة الشأن العام شاركوا في إعداد المشروع و"قاموا بمسح جنح التسيير في كل العدة التشريعية للبحث عن نصوص تعيق القائمين على تسيير القطاع العمومي في أداء مهامهم أو تشكل خطرا حقيقيا في مساءلتهم ومتابعتهم جزائيا"، مشيرا إلى أن لجنة الخبراء المكلفة بالمهمة المذكورة خلصت إلى أن "ليس ثمة من بين جميع النصوص القانونية ما يمكن اعتباره عائقا للإطارات والمسيرين العموميين في أداء مهامهم سوى ثلاث مواد، واحدة توجد في قانون العقوبات واثنتين في القانون المتعلق بالوقاية من الفساد·
وأوضح الوزير أن المشروع الأول يقترح تعديل المادة 119 مكرر من قانون العقوبات ومراجعة صياغة المادة 29 وتعديل المادة 26 من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، حيث يقترح المشروع تعديل المادة 119 من قانون العقوبات التي تجرم وتعاقب على الإهمال الواضح الذي يتسبب فيه الموظف العمومي في سرقة أو اختلاس أو تلف أو ضياع أموال عمومية، مشيرا إلى أن التعديل اشترط على أن تحريك الدعوى العمومية لا يكون إلا بناء على شكوى من أجهزة الشركة المنصوص عليها في القانون التجاري أو في التشريع المتعلق برؤوس الأموال التجارية للدولة في حال ارتكاب جريمة تبديد المال العام أو التلاعب به بما يضر المؤسسة الاقتصادية العمومية·
ويقترح المشروع أيضا بخصوص ارتكاب جريمة الإضرار يخص المؤسسة العمومية الاقتصادية التي تملك الدولة كل رأسمالها أو الشركات ذات الرأسمال المختلط مع التأكيد أن أعضاء أجهزة الشركة الذين لا يبلغون عن الأفعال الإجرامية السالفة الذكر يتعرضون لعقوبات·
واعتبر أن التعديل المقترح على المادة 119 من شأنه "التوفيق بين توفير ظروف قيام المسيرين العموميين بمهامهم في كنف الطمأنينة وبين المحافظة على المال العام من الهدر والضياع"·
أما خلال عرضه للمشروع المعدل للقانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته فأشار الوزير أنه يقترح تعديل المادة 26 التي تنص على معاقبة كل موظف عمومي يقوم بإبرام صفقات واتفاقيات مخالفة لأحكام التشريع السارية المفعول بغرض إعطاء امتيازات غير مبررة للغير، وقد تم في هذه المادة استبدال عبارة "منح الغير امتيازا غير مبرر" بعبارة "إعطاء امتيازات غير مبررة للغير" لفك تداخل الركن المادي والمعنوي للجريمة ورفع الغموض الذي كان يكتنف تكييف وقائع الجريمة·
ق· و
المفضلات