كتبت الصحفية سهير بشناق في جريدة الرأي ليوم الاربعاء الموافق 15/ 6 /2011
قصة عبير تدمي القلب ولا حساب لمن اخطأ
لا اعتقد ان هناك أماً قرأت قصة الطفلة عبير ذات التسعة شهور التي غادرت الحياة امس الاول بعد ان عادت لاسرتها الاصلية إلا وبكت عيونها على ما آلت اليه هذه الطفلة من مصير لا نملك الا ان نقول انه قضاء الله وقدره فهي طير من طيور الجنة.
الطفلة عبير التي فتحت عيونها على هذه الحياة لترى امها غير البيولوجية والتي اعتقدت نتيجة خطأ وقع اثناء عملية الولادة انها ابنتها لم تتمكن من التأقلم مع حياتها الجديدة ووالديها الحقيقيين بعد ان عاشت طيلة تسعة شهور وهي تتجرع حليب امها وتشعر بحنانها وعطفها فباتت رائحتها ولمساتها هي مصدر الحياة لها لتجد نفسها فجأة في حضن امرأة اخرى لم تالف وجهها من قبل ولم تشعر بدقات قلبها
الطفلة عبير لم تتوقف عن البكاء منذ اللحظة التي غادرت بها حضن والدتها التي لم تحملها باحشائها لكنها رعتها طيلة تسعة شهور وهي فترة الحمل التي قضتها مع والدتها الاصلية لتنتهي العلاقة بينهما لحظة ولادتها.
موت عبير ووفقا لنتائج الطب الشرعي ناتج عن التهاب رئوي لكن تقرير الطب الشرعي لم يتطرق لما عانته الطفلة خلال فترة وجودها مع اسرتها الجديدة فهي دائمة البكاء رافضة تناول الحليب والطعام كما افادت والدتها حتى قبل يوم من وفاتها وبعد معاينتها من قبل احد الاطباء الذي اقر بوجود التهاب رئوي عادت الطفلة الى البكاء المستمر رغم حرص والديها على اعطاء الدواء لها الا انها خلدت الى النوم وهي تبكي ولم تفق بعدها.
وامام قصة عبير التي ادمت القلب نتساءل من المسؤول عن مثل هذا الخطأ الكبير، فالمستشفى الذي تمت به ولادة عبير واستبدالها بطفلة اخرى ولدت بذات اللحظة يؤكد ضعف الاجراءات المتبعة في هذه المستشفى وهي اجراءات روتينية تتبع لحظة الولادة وفي كافة المستشفيات واهمها اخذ بصمة الطفل وكتابة اسم والدته على اسورة تعلق بيده قبل خروجه من غرفة الولادة.
لكن الاهمال الواضح من قبل كادر التمريض بالمستشفى الحق الما كبيرا للأسرتين وعرض حياة الطفلة عبير الى عذاب حقيقي وابعدها عن اغلى انسان في حياتها كان يمكن ان تكون امها الاصلية لو كان هناك قليلا من الوعي والانتباه اثناء عملية الولادة بدلا من استبدال طفلتين ليسا لهن اي ذنب سوى خطأ بشري واضح وغير مبرر.
مدير المستشفى وعد عند نشر قصة الطفلتين بفتح تحقيق ومحاسبة المخطىء وسؤالنا ما هي نتائج التحقيق وهل تم فصل من تسبب في حدوث هذا الخطأ ام ان مدير المستشفى سيكتفي بتوجيه انذار لكادر التمريض المسؤول عن الاطفال بعد ولادتهم لتنتهي القصة ويوضع ملف الولادتين في قسم الارشيف بالمستشفى؟
نطالب وزارة الصحة بمتابعة القضية واتخاذ اجراءات صارمة بحق من تسبب في هذه الحادثة التي اودت بحياة طفلة بريئة ليس لها ذنب سوى سوء الحظ الذي قادها للولادة بهذه المستشفى كي تكون عبرة لكافة المستشفيات الحكومية بتطبيق الاجراءات السليمة عند حدوث الولادة فمثل هذه الاخطاء تعني بحياة اطفال ولا يحتمل ذلك ان نعتذر عن الخطأ وينتهي الموضوع.
وبقي ان نقول ان اثبات نسب الطفلتين وقرار المحكمة بعودتهما الى اسرهم الاصلية ليس سببا كافيا لانتقال الطفلتين بصورة سريعة الى اسرهم وانتزاعهم من الاجواء التي عاشوا بها طيلة تسعة شهور هكذا غير آبهين بالجانب النفسي لهن فكان من الاولى ان يتم ذلك تدريجيا لتالف الطفلة عبير صورة امها الحقيقية وتعتاد عليها يوما بعد يوم وهي تعيش في كنف امها التي ربتها طيلة هذه الفترة.
فالطفلة عبير التي اغتيلت طفولتها مرتين الاولى باستبدالها لحظة الولادة والثانية بابعادها قسرا عن امها التي ما عرفت غيرها اعلنت رفضها فرقدت في سريرها ودموعها على خدها ليتوقف قلبها عن الخفقان الى الابد
فموت عبير ذنب في اعناق من تسببوا بهذا الخطأ الفادح لنعود ونسال : هل المطلوب من جميع النساء الحوامل التوجه الى المستشفيات الحكومية للولادة وهن خائفات من تكرار ما حدث مع عبير من جديد ام ان المطلوب ان يرافق المرأة التي توشك على الولادة زوجها ليحمل هو بنفسه الطفل الى غرفة الاطفال ليضمن ان هذا طفله؟؟
فحالة واحدة كهذه اوصلت عبير الى قبرها خاصة وان جميع الاطراف لم تهتم بالجانب النفسي للطفلة واكتفينا باعادتها الى اسرتها الاصلية متجاهلين دموعها وتعلقها بثوب والدتها التي ربتها طيلة تسعة شهور
فهل حماية الاطفال ستبقى تدور في فلك تطبيق قوانين وتعليمات وضمان حماية الطفل دون ايلاء الجوانب النفسية للأطفال
الاهمية اللازمة؟
المفضلات