كتب- حاتم العبادي- تجاوزت التوجيهات الملكية المتواصلة والمستمرة، طيلة الفترة الماضية حاجز «رسم الخطوط العريضة» للرؤية الإصلاحية، والتقدم بخطوات لجهة تحديد ما يجب ان يكون عليه الوضع وكيفية الوصول له، وهو ما جسده خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني قبل أيام.
التأكيدات الملكية، بجدية الاصلاح الشامل وانه «خيار لا رجعة عنه»، ليس شعارا يحتاج الى تحليل او دراسات من قبل السلطات والجهات التنفيذية، إنما مسار يجب الذهاب معه، دون تردد او تأجيل.
ما يجب ان تعيه السلطات والجهات المسؤولة، ان الرهان على «الوقت» خيار خاسر وفاقد لمبرراته، خصوصا ان الملك مهد الطريق وقدم رؤية واضحة إزاء ما يجب ان يكون، لتكون الكرة في مرمى تلك السلطات.
«لا تأجيل ولا تردد»، المنطلق الأساسي والعنوان الأبرز للرؤية الملكية الإصلاحية لأردن المستقبل، التي عبر عنها جلالته في خطابه للشعب قبل أيام، فهو توجيه وتحذير في الوقت ذاته.. فهو توجيه لجهة الإسراع في تنفيذ الإصلاحات وان يبدأ المواطن بإدراك وحصد نتائجها، وتحذير من مغبة أثار التأخير او التباطؤ والخوف من التنفيذ.
وسبق ذلك التأكيد.. تشديد ملكي في رسالة بعث بها الى رئيس الوزراء آذار الماضي، «إنني لن ألتمس بعد اليوم عذرا للتأخير في دورة الحياة في عروق الإصلاح السياسي والاقتصادي، وأن المطلوب، يا دولة الأخ، أن لا تقبل من مقصر أن يبدي حججا واهية لخلل أصاب عملا في إطار مسؤولياته».
ولعل الحراك الملكي المتواصل والمكثف خلال الفترة الماضية، فتح جميع الأبواب التي تنفذ الى تحقيق الاصلاح الشامل، عبر بوابتها الدستورية، والتي طالها الحراك لجهة تحفيزها ومنحها الدعم الذي يخلع عنها التردد والتخوف.
فبعد الخطاب الموجه الى الشعب.. كان هنالك خطاب موجه الى الشباب.. ولقاء مع رئيس مجلس النواب ونوابه ومساعديه وأعضاء المكتب الدائم ورؤساء اللجان، وندرك من جميع تلك الفعاليات أن الملك يسعى «لتوجيه البوصلة» نحو المسار الصحيح لتحقيق الاصلاح، عبر بوابة الدستور.
فالأنظار تتجه الان الى السلطات والجهات التنفيذية ، لجهة التحول من الحراك العام، الى الحراك التنفيذي، الذي يفضي الى نتائج ينتظرها المواطنون.. نتائج قادرة على التعبير عن طموحاته ومستقبله.
فأي مبررات ممكن ان تطرح، بعدما طالت الرؤية الملكية الإصلاحية ليس فقط القوانين السياسية او الاقتصادية إنما مراجعة نصوص الدستور، «غير مقبولة» ولن تكون كذلك، خصوصا وإن متطلبات تنفيذ الرؤية الإصلاحية الشاملة وتجسيدها كواقع، باتت متوفرة، سواء على صعيد التشريعات او الإرادة السياسية، المنسجمة تماما مع الإرادة الشعبية.
فالرهان الان، على كيفية التعاطي والتعامل معها، لتحقيق النتائج، وفق خطوات واضحة، تستجيب لمتطلبات التغيير، وفق القنوات الدستورية، وبما يمكن الاردن من تجيير ما تفرضه «الأحداث والتحولات التي تشهدها المنطقة»، لمصلحة مسيرة الديمقراطية الوطنية.
ما تم تحقيق حتى الان.. نتائج في غاية الأهمية، على مختلف الصعد، إلا ان الأهمية تعظم وتكبر، بعدما تتشكل تلك النتائج «حالة واقعية» يلمسها المواطن، وترسم واقعا جديدا يعزز منظومة الحرية والعدالة وتكافؤ الفرص.
حالة الانسجام بين الإرادة الشعبية والإرادة السياسية، وما قادت له من حراك سياسي واقتصادي عبر لجان منها ما قدم رؤيته التوافقية ومنها ما يوشك، يجعل الكرة في ملعب السلطات والجهات التنفيذية...فالحاجة باتت ماسة وضرورية لتفعيل البرنامج الإصلاحي، والإسراع في تنفيذه، لا ان يبقى « مجرد شعار مرحلي».
المفضلات