لا شك أن الأنظمة العربية الإستبدادية ، تذكر الحكام الجدد في تركيا بالديكتاتورية والإستبداد الذي مر بتركيا سواء من الأتاتوركيين أو العسكر ، والذي كان آخر انتهى عملياً بعيد الإطاحة بنجم الدين أربكان.....
منذ تسلم حزب العدالة والتنمية مقاليد الأمور في البلاد والسياسة التركية تنتقل بخطوات واثقة ، في بعض الأحيان لاتجاه معاكس لسير الحكومات السابقة طوال عقود ......
والحقيقة فلم يأت الموقف التركي محض الصدفة ، وإنما أتى نتيجة لدراسات وبحوث استراتيجية معمقة توصلت لها مراكز الدراسات والبحوث والتي أوصلت الحكومة التركية لمرحلة اتخاذ قرار مصيري بالتخلي عن أحلامها بالنضمام للإتحاد الأوربي ، كون الشروط التي يضعها الأوربيون تعجيزية ولا تخلو من الإذلال ....
نتيجةً لذلك أصبحت تركيا أكثر حريةً في اتخاذ القرارات في سياستها الخارجية على مختلف الصعد ، فقام القادة الإسلاميون بالتوسع داخل العالم الإسلامي على شكل علاقات ديبلوماسية واقتصادية مع دول العالم العربي والإسلامي ، حتى مع إيران فإن علاقاتهم بها كانت اكثر عمقاً وتخدم مصالح الطرفين ....
لقد أشار القادة الأتراك في أكثر من مناسبة لطموح تركيا للعب دور الدولة الإقليمية المؤثرة ، و إلى أنهم ورثة العثمانيين بما يدل على طموحهم بالتوسع وأخذ مكانة ودور أكبر للدولة التركية في المنطقة ......
وكانت أقوى المواقف لتركيا هو موقفها من الحرب الأسرائيلية على لبنان وبعدها غزة ، حيث كان موقفها صادماً ليس للإسرائيليين فحسب ، ولكن لحلفائها الأمريكيين والأوربيين ، ومحرجاً للكثير من القادة العرب والذين تبنوا في بعض الأوقات المواقف الأسرائيليين ......
لقد أثبتت السياسة الخارجية التركية في موقفها من الثورات العربية حصافة بالغة ، وفراسة ديبلوماسية ، فهي طالبت باستقالة مبارك ، وهو دور لم تستطع بعض الدول العربية الإطلاع به ، كما طالبت بتنحي القذافي ، وتبنت الثوار في مؤتمرهم الأخير الذي عقدوه .......
أما موقفهم من النظام السوري ، فهو في تصاعد مستمر ، من المطالبة بالإصلاح ، انتهاءً باتهام النظام بارتكاب فظاعات ، والإشارة للدور الإجرامي الذي يلعبه ماهر الأسد في قمع المحتجين ، أي دور فعلي له وللجهاز الأمني في المجازر ، مقابل للدور الشكلي الذي يلعبه بشار على رأس النظام ..
تركيا اليوم ، وإن تدثرت بعباءة إسلامية ، فهي دولة تبحث عن مصالحها ، فلا يمكن أن تهادن أو تقف مع أنظمة أصبح زولها مسألة وقت ، فعلاقاتها الصلبة تكون مع القادة المستقبليين ، وكأني بالقادة الأتراك يقولون " التاريخ يكتبه المنتصر ، واتفاقنا سيكون مع من يكتب التاريخ "
بقلمي
المفضلات