كان ذلك قبل سبعة سنوات
عندما دخلت "أحلام" إلى القفص الذهبي ووهبَت نفسها لفارس أحلامها
كان صديقي !
قال لي عندما رآني في حفل زفافه "أبو العبد .. عليك هيبِه"
لطالما علمتُ أنّها كانت صادقةً في كل حَرفٍ عندما قالت لي: "لديكَ طابورٌ مِن المعجبينَ أوّلهم أنت .. أنتَ مَغرور، لكنّكَ لا تعلم، وأنا أحبّك"
أحلام كانت ناريّة الطّبع وحادّة المزاج وعالية النّفسِ شديدة الإعتداد بِها
لكِنّها كانت تُحِبّ أن تَهِبَ هذا كلّه لفارس أحلامها عن طيبِ خاطِر لقاء "كِلمه حلوه" و"إحترام لذاتِها"
صديقي الغبي لم يفعل ذلك ..
تعامل معها على أساس أنّها رجلٌ يُنافِسُهُ الحياة ويُقاسِمهُ بَدلاً مِن أن يُشارِكه !
تعامل معها بِعَقله .. وكأنّ النِّساء يَصلُحُ مَعهنّ التعامل العقلي في الحب !
كانَ أحد العلماء يُلقي مُحاضَرةً في أحدِ مساجد مدينتي
كنتُ أستمعُ إليهِ بُكُلّي .. وحفِظتُ أكثرَ ما قال عن ظهر قلب ..
كانت المُحاضرة عن الإنهزام الدّاخلي لأمّتنا، وعرّجَ على الشأن الأسري والعلاقة بين الزوجين وحالات الطّلاق ..
قال : "اتدرون بِمَ يقودُ الرّجلُ المرأة ؟"
وأخذ الحاضرون يدلي كلٍ بِدلوه : "بالتّفاهم" قال : "لا"
"بالسياسة" قال : "لا" .... "بالمال" قال : "لا" .... "بالعصا" قال : "لا"
قال " يقودُ الرجلُ المرأة مِن أُذنها " ! ... "يا ناس : بالكلمه الحِلوه"
ثمّ ساقَ طَرَفاً مِن حديث "أم زرع" حين قالَت :
" وبجّحَني، فَبَجَحَت إليّ نَفسي.. إن قُلتُ عنده فلا أقبّح.. وأرقدُ فأتصبّح .. وأشربُ فأتقمّح " !
وعندما طلّقها دونَ رغبةٍ منها .. حماقةً منه !!
بقيت ام زرع تحبّ طليقها "الرومانسي" !!
ذلك أنّها تزوجت بعده كما تقول : "فنكحتُ من بعدهِ رجلاً ثريّا، قد ركبَ شريّا، واتخذ خِطيّا، وأراحَ عَليّ نِعماً سريّا، وأعطاني من كلِّ ذابِحةٍ زوجين، وقال : كُلي أم زرع وميري أهلكِ.."
فما أجملها من صِفات لهذا الزوج الثري السيّد راكب الخيل الأصيلة، الفارس حامل الرمح الخطّي، الكريم الطّبع الّذي "نَغنغَها ونَغنَغ أهلَها" وعاملها بكل طيب، لكنها ماذا قالت بعد كل هذا ؟
قالَت : "فلو جَمعتُ كلّ ما أعطانيه، ما بَلغَ أصغرَ آنيةِ أبي زَرع"
قال الشيخ العالم : "أتدرون لِماذا؟ ... لأنّ أبا زرع كانَ يُرضي أحاسيسها بالكلمة الحلوة حيث قالت : وبجّحني، فَبَجَحت إليّ نفسي" أي : "غازلني بما لم يكن فيّ أصلاً فَصَدّقتهُ حتّى صَدّقتُ أنّي كما يقول وصُرتُ مُعتَدّةً بِنفسي الجميلة التي يغازلها ابو زرع" في حين انّ الزوج الثاني كان رجلاً كريماً صالحاً لكنّه كان مُصاباً "بالخَرس الزوجي، وانعدام الغزل، والكلمة الناعمة"
أحلام ما زالت تبحثُ في فارس أحلامها عن الزوج الثاني !
سبعة سنوات عِجاف وأحلام تحلم بالسلام ..
صديقي كان يعتقل حتّى أحلامها ويَضطرّها أن تعيش كابوسَ نذالته وجلافته ..
صَدّقوني .. لو رأيتم صديقي لقلتم : ما أظرفه .. "جِنتِل" !
هذا "الجِنتل" كان "قاعد لمرته على رِجل ونص" !
هذا "الّلبّيس الطويل العريض الوسيم .. كانَ فارغ القلب والعقل واللسان"
كانَ يتّحدثُ لي بالساعات عن معاناته معها وأنّها "بَقرَه"
واللهِ ما كانت إلاّ أرق من النسيم وكانت جميلة الشكل..لكنّ لئيم الطّبع حوّلها لِمَسخٍ من حُطام إمرأةٍ عفيفة !
.. قبل عام، قالت لي إحداهن : "أحلام طلبت منّي أن تُحافظ على صحبتك مع زوجها وأن تجلس معه دائماً"
.. ومنذ عام وأنا أتّهرب من صديقي الّذي أخجلُ مِن صداقتي بهِ ومعرفتي له !
وقد علمتُ منه هاتفياً أنه طلّقها للمرّة الثانية ..
كم مِن "أحلامٍ" لدينا هُنا .. في بحر دُنيانا !
المفضلات