بقلم: اليكس فيشمان
في جهاز الامن في اسرائيل يعربون، على نحو مفعم بالمفارقة، عن الرضى من فتح معبر رفح. لن يقول أحد هذا بصوت عال، ولكن في المداولات الداخلية على أعلى المستويات في الجهاز العسكري والسياسي في وزارة الدفاع في تل أبيب يوجد بالذات احساس بالخفة في ضوء الخطوة المصرية احادية الجانب. يحتمل جدا، كما يقولون هنا، اننا نسير أخيرا نحو فك ارتباط كامل عن قطاع غزة. الحلم الرطب لاسرائيل آخذ في التجسد: اسرائيل تأخذ المسؤولية عن سكان القطاع.
في وسائل الاعلام العربية، وفي "الجزيرة" على نحو خاص، يعودون الى الاشارة الى فتح المعبر كفعل اهانة لاسرائيل. فالمصريون لم يستخفوا فقط باسرائيل بل وأيضا بالشركاء الاخرين في اتفاق رفح: الولايات المتحدة، دول الرباعية والسلطة الفلسطينية. ولكن يتبين أن أيا من الشركاء لا يسارع الى الثوران، وليس صدفة.
الاتفاق، الذي لم يعد قائما على أي حال في السنوات الاربعة الاخيرة، أصبح غير ذي صلة في أعقاب التطورات الاخيرة في الشرق الاوسط. في 2010 مر في المعبر اكثر من 130 الف غزي، ومنذ بدأت الاضطرابات في مصر مر فيه نحو 30 ألف آخرون. فتح المعبر أمام السكان لن يغير جوهريا الواقع القائم على الارض: عبور السكان دون أي رقابة من اسرائيل، من السلطة او من الرباعية. المصريون ببساطة رتبوا الوضع القائم: لو ارادوا في الماضي السماح لرجال الجهاد الاسلامي الدخول الى القطاع – لفعلوا ذلك ببساطة. وحتى لو ارادوا عمل ذلك في المستقبل، فانهم لن يسألوا أحدا.
وهكذا ليس لخرق الاتفاق أي معنى أمني من ناحية اسرائيل. من يخشى تهريب جلعاد شليت الى سيناء عبر المعبر يجب أن يأخذ بالحسبان بان منذ اليوم يمكن تهريبه – عبر الانفاق.
حظر ادخال البضائع عبر معبر رفح، والذي بقي على حاله الان ايضا، يتجاوزه سكان غزة من خلال ناقلات صغيرة او حقائب كبيرة تسمى "امتعة شخصية". اذا كان احد ما يحرص على تهريب السلاح عبر معبر رفح فان هذا أيضا لا يغير في الامر شيئا حقا: اليوم تعمل على نحو ثابت 70 نفق ذخيرة من مصر الى القطاع. معبر رفح يمكن أن يساهم، ربما، بعلاوة مناظير للرؤيا الليلية او تلسكوبات للقناصة. معدات مساعدة ليس فيها ما يحدث تغييرا دراماتيكيا في ميزان الرعب الاقليمي.
في حقيقة أن مصر تفتح المعبر بشكل مرتب، بالمقابل، يوجد اعلان بحكم الامر الواقع عن أخذ المسؤولية عن السكان في غزة. اسرائيل، التي تتعرض اليوم لهجمة نزع شرعية عالمية بسبب الاغلاق، يمكنها أن تعرض ابتداء من يوم غد على أمم العالم حقيقة أنه لم يعد هناك اغلاق. الاحساس بالاختناق لدى المواطن الغزي لم يعد قائما – يمكنه أن يخرج ويعود كما يحلو له من والى مصر. العنوان للشكاوى نقل الشقة: من اسرائيل الى مصر. عندما يكون معبر رفح مفتوحا ستصبح المستشفيات في العريش عنوانا للمساعدة الانسانية لسكان غزة.
القرار المصري يفترض أيضا أن يثبط حجج الاسطول التالي.
بشكل عام، على اسرائيل أن تخرج من العلبة وان تبدأ في التعاطي مع القطاع بشكل مختلف. سفن تريد أن تصل الى قطاع غزة في الاسطول الكبير في نهاية تموز؟ فلتتفضل. ولتجتز رقابة في قلب البحر، واذا لم يكن فيها سلاح، فلتبحر الى غزة. اما السفينة التي تقاوم التفتيش بالقوة، فستوجه الى العريش.
المصريون، بضعفهم أدخلوا هدفا ذاتيا في مرماهم. نظام مبارك لم يرغب في أن يقع في هذا الفخ فيأخذ المسؤولية عن سكان القطاع. النظام الجديد للجنرالات اتخذ هذه الخطوة كي يرضي الاخوان المسلمين.
يوجد هنا انجاز دبلوماسي – نفسي – سياسي لحماس في المدى القصير. توجد هنا اشارة سيئة جدا من ناحية علاقات اسرائيل – مصر لان المصريين خرقوا بشكل فظ اتفاقا موقعا مع اسرائيل. ولكن في المدى البعيد فان الربح سيكون كله لنا فقط.
المفضلات