عمان - عماد عبدالرحمن - قال مصدر مطلع في لجنة الحوار الوطني :«ان اللجنة ستقدم مخرجاتها التي توصلت اليها خلال الثلاثة اشهر الماضية،الى رئيس الوزراء معروف البخيت خلال الاسبوع الحالي».
وقال :«الوثيقة تتضمن مشروع قانون الانتخاب لسنة 2011،ومشروع قانون الاحزاب لسنة 2011،اضافة الى وثيقة المبادئ العامة»،موضحا ان اللجنة أنتهت مما هو مطلوب منها على صعيد إعداد منظومة تشريعات لتطوير الحياة السياسية في البلاد».
الى ذلك،قال النائب جميل النمري،أحد الخبراء الذين إستضافتهم اللجنة خلال الحوار أن:» النظام الانتخابي الجديد قد يبدو غير مفهوما، لكنه بسيط وحالما يعلن عنه رسميا سوف يتم هضمه بسرعة وسوف يتكيف الجميع مع مقتضياته وسيكون له أثر عميق في التغيير السياسي الاجتماعي وفي سلوك الناس»،موضحا ان التغيير الذي سيحدثه النظام سنلمسه حتى قبل الانتخابات لأن تفكير المرشحين والعشائر سينفتح بسرعة على متطلباته التي تقضي بالتواصل والانفتاح والتحالف وسيكسب النواب شرعية أقوى كثيرا لأنهم يمثلون طيفا ممتدا عبر الجغرافيا والديموغرافيا».
وعرض النمري ابرز المستجدات على النظام الجديد،وعلى صعيد الدوائر،فقد بين النظام الدوائر الصغيرة ( أي دوائر بمقعد واحد) والدائرة الكبرى ( أي الأردن دائرة واحدة)،حيث تم اختيار الحلّ الوسط وهو الدائرة على مستوى المحافظة وهذا ينطبق على المحافظات الصغيرة والمتوسطة بينما تقسم عمان الى 3 دوائر واربد الى دائرتين والزرقاء الى دائرتين فتكون الدوائر متقاربة قدر الأمكان ومعظمها تراوح حول 8 مقاعد للدائرة.
وأوضح النمري :»سبب هذا الخيار ان الدوائر الصغيرة تبقينا عند النظام الحالي وأمراضه ومشاكله بينما كل الهدف من تغيير النظام هو تجاوزها أمّا الأردن دائرة واحدة فليس مشروعا واقعيا الآن لعدم وجود أحزاب كبرى راسخة اضافة الى ان الأغلبية الساحقة من النظم الانتخابية في العالم تجنح لتوزيع الدوائر لضمان تمثيل كل الجغرافيا السكانية في البلد أي أن عصرية النظام لا تعني ابدا الأخذ بمفهوم الدائرة الوطنية الواحدة».
وفيما يتعلق بالقوائم والنسبية،أضاف النائب النمري قائلا:»اختيارها جاء بديلا لخيار الترشيح والانتخاب الفردي بالنظام الأغلبي،وتم الاجماع على بديل القوائم والتمثيل النسبي لأن أحد أمراض واقعنا الانتخابي والنيابي هو الفردية والعزلة والانكفاء المحلي والعشائري وتحول النائب من ممثل للشعب الى ممثل لفئة ضيقة للغاية،بينما مفهوم القوائم يحقق النقلة النوعية في نمط الانتخابات حيث يتواصل الناس مع بعضهم ويتبادلون التساند والانتخاب المشترك على اساس التقارب في الموقف والبرامج، ويتسع تمثيل المجلس لجميع الفئات وفق صيغة النسبية التي تعطي لكل قائمة حصّة من المقاعد بنسبة اصواتها».
وقال النمري:»مثلا القائمة التي تحصل على 20% من الأصوات تأخذ 20% من المقاعد وبهذا الطريقة نسمح بتجميع الناس ونشوء ائتلافات تمثل أحزاب المستقبل حيث تتسع القائمة لمشاركة حزبيين من الوان متقاربة ومستقلين وربما من أول دورة انتخابية سنشهد تجمعاً مختلف التلاوين في اربع أو خمس قوائم انتخابية».
وبخصوص مفهوم القوائم المفتوحة،أوضح انه» تم استبعاد خيار القوائم المغلقة والتي تعني ان الناخب يختار فقط اسم القائمة التي تكون الأسماء داخلها مرتبة سلفا ويحصل على مقاعدها أول الأسماء حسب تسلسلها وهذا يتطلب سلفا وجود أحزاب جاهزة قوية هي التي تخوض الانتخابات وتقدر على فرض ترتيب اللائحة،بينما بتحالف اغلبية من المستقلين الى جانب الحزبيين سيكون مستحيلا التوافق على الترتيب، ولحلّ هذه المشكلة يتم اشراك الناخب في القرار فهو يضع اشارة أمام اسم القائمة التي يختار وايضا أمام الأسماء التي يفضلها داخل القائمة فتذهب حصّة القائمة من المقاعد الى اصحاب أعلى الأصوات وفي الكثير من دول العالم يتمّ اللجوء الى هذا الأسلوب لأنه أكثر ديمقراطية ويشرك الناس في اختيار الأسماء ولا يتركها فقط للسلطة البيروقراطية داخل الأحزاب».
وفيما يتعلق بالكوتات قال النمري:» ستبقى الكوتات جميعا بنفس النسب أي البدو والنساء والمسيحيين والشركس والشيشان، وسيشارك مرشحوها في القوائم مثل بقية المرشحين وتنطبق عليهم الآلية نفسها لكن سيضاف اصحاب اعلى الأصوات في دوائرهم. وهو نفس المبدأ الذي طبق على الكوتا النسائية في السابق».
واضاف قائلا:»في السابق كان ينزل عشرات المرشحين الفرديين الذين ينافس كل واحد منهم جميع الآخرين وتذهب معظم أصوات الناخبين هدرا (أصوات الناجحين غالبا لا تزيد عن ربع اصوات الذين مارسوا حق الانتخاب)، بينما الآن سوف يتجمع كل المرشحين في ما لا يزيد عن 5 الى 6 قوائم يختار الناخب أحدها وتحصل كل واحدة على حصّة من المقاعد بنسبة أصواتها، وسوف نرى من العشيرة الواحدة مرشحين يتوزعون على أكثر من قائمة كل واحدة تضم مرشحين من عشائر وتجمعات سكانية مختلفة وهذا يعاني تذويب الفواصل وانهاء العزلة بينها».
أما فيما يتعلق بموضوع القائمة الوطنية،اوضح النمري:» بعض اعضاء اللجنة رأوا ان النظام يغيب فكرة القائمة الوطنية، لكن في الحقيقة انها ليست غائبة فأي تيار في البلد يستطيع ان ينزل قائمة بنفس الاسم واللون والشعارات في جميع المحافظات ويأخذ في كل محافظة نسبته من المقاعد حسب نسبته من الأصوات»، وزاد :»ومع ذلك فان اللجنة للحصول على الاجماع اضافت مقترحا ان يكون هناك من عشرة الى عشرين مقعدا لقوائم الوطنية وحصل تباين حول شكلها هل تكون مغلقة أو مفتوحة ؟ معومة ام موزعة على المحافظات؟ هل تكون منفصلة أم مرتبطة بقوائم المحافظات؟ . .الخ ، وقد ترك لادارة اللجنة ان تبحث هذه القضايا وتبحث عن افضل صيغة».
واعرب عن اعتقاده في ان البحث سيجد نفسه أمام معضلات يصعب حلّها وعلى كل حال مع هذه الاضافة أو بدونها فالقانون الجديد سيطرح على المجتمع وستقدمه الحكومة بصياغته القانونية النهائية وسيكون أمام النواب الوقت الكافي لدراسته جيدا وأعتقد انه سينال ثقتهم.
ولفت الى ان اللجنة توافقت سريعا على الجوانب الاجرائية في النظام الانتخابي الجديد،والتي تضمن نزاهة وشفافية الانتخابات وخصوصا استبدال اشراف وزارة الداخلية بهيئة مستقلة عليا أغلبيتها من كبار القضاة المتقاعدين، وكذلك الحال للجان الفرعية.
اما بالنسبة للطعون في الانتخابات،أوضح النمري:»ستكون الطعون امام القضاء وليس أمام مجلس النواب المنتخب نفسه وفق ما هو وارد في الدستور نفسه الأمر الذي يتطلب بالطبع تعديلات دستورية تسبق اقرار القانون. وعلى هذا الصعيد يقدم مشروع القانون الجديد تعديلات ممتازة تجعل القانون أكثر عصرية وتقدما».
وأشار الى ان القضية الجدلية التي أخذت معظم وقت لجنة الحوار كانت النظام الانتخابي نفسه، وقد تم الاجماع سريعا على تجاوز نظام الصوت الواحد الحالي، وقد قدمت الكثير من المقترحات من داخل اللجنة وخارجها وبعد حوارات مضنية تمّ في النهاية التوافق على الصيغة الأكثر تقدما والأنسب للأردن تحديدا وهو ما يطلق عليه نظام التمثيل النسبي بالقوائم المفتوحة على مستوى المحافظات.
وختم حديثه بالقول:» ليس هناك نظام انتخابي مثاليا بلا عيوب ويمكن ايجاد عيوب في هذا النظام لكنه هو الأفضل للأردن بين كل الأنظمة الانتخابية الأخرى».
المفضلات