عمان - كايد المجالي وبترا - قال رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت في الاحتفالية التي اقامتها نقابة المهندسين الزراعيين في مجمع النقابات المهنية مساء امس السبت بمناسبة العيد الخامس والستين لاستقلال المملكة ان الاستقلال هو تمام الانسجام بين مكونات الدولة الاردنية من قيادة هاشمية وثرى زكي وشعب عربي اصيل وتاريخ زاخر بالمواقف المشرفة نحو الامة العربية والاسلامية والانسانية جمعاء.
وقال ان لعيد الاستقلال معان كثيرة نقرؤها في جميع الشواهد الماثلة في مملكتنا الحبيبة، من انجاز على مستوى الانسان الاردني والتنمية الشاملة، والاحترام الذي يحظى به الاردن على المستوى الاقليمي والدولي ، ونقرؤها في التاريخ وفي التحديات الكبرى التي تلاشت امام عزم القيادة الهاشمية المظفرة والتفاف الاردنيين حولها ، ونقرؤها في ارادة البقاء وتخطي كافة المؤامرات التي تستهدف المسيرة .
واكد البخيت ان هذه المعاني ستبقى مستقرة في ضمائرنا ، كحقيقة راسخة لا نسمح بإنكارها او تغييبها تحت دعاوى الحقد ونكران الجميل ومحاولات اختراق الصفوف باستغلال الظروف الاقتصادية التي سيتخطاها الاردن بإذن الله، طالما عقدنا العزم والامل ، وامتلكنا سلاح الصبر والارادة. وقال انها لمناسبة يستحقها الوطن ، تملؤنا بالفخر والاعتزاز بعد خمسة وستين عاما من استقلال المملكة، وتشعرنا بالعرفان لما تحقق في ظل القيادة الهاشمية المظفرة الموصولة بالخير والعطاء.
واضاف رئيس الوزراء يقول : فكان العطاء ممزوجا بالإيمان والإرادة، منذ انطلاق الرصاصة الاولى للثورة العربية الكبرى وتأسيس إمارة شرق الاردن قبل تسعين عاما وإنهاء الانتداب الأجنبي ، وصولا إلى صياغة الدستور وتعريب الجيش وبناء المؤسسات وصروح العلم والتدريب ونصر الكرامة ونصرة الاشقاء وتبني قضايا العروبة والاسلام ، واستمر العطاء ليستمر المسير في سبيل عبّده الهاشميون بالعدل والتسامح ليزدهر الوطن ويسلم كل من عاش في ظله الأمين.
واكد ان الاستقلال ذكرى ومناسبة نرتكز اليها في ذاكرتنا الوطنية لندرك اين كنا واين صرنا، وكم كانت صعبة مقدمات الاستقلال وبناء الانسان الاردني وتفعيل دوره في مواجهة التحديات والأزمات وإعلان مواقفه الشريفة، والوصول بكفاءاته وقدراته إلى مستويات ميزته خارج نطاق الوطن، ومكنته من الاسهام في بناء وتنمية وامن دول شقيقة وصديقة .
وقال لقد سلم الأردن في كل التجارب والمحن من محاولات تشويه صورته الرامية إلى تزوير تاريخه واستهداف مواقف الشرف التي سلكها الاردنيون قيادة وشعبا ، نضالا وجهادا لنصرة قضايا الأمة ، فكان الانجاز المقرون بالرؤى الهاشمية النبيلة اصدق انباءً من السنة واقلام المشككين ، الذين تلاشوا كالزبد وذهبوا جفاء على مر السنين ، فبقي الاردن وظلت هامات ابنائه مرفوعة وانجازاتهم شاهدة على رشد الحكم ونجاحه.
وشدد البخيت على ان خطاب الأردن الذي انطلق من رسالة الثورة العربية الكبرى ما زال خطاب التغيير والتجديد، خطابا حيويا قادرا على التفاعل مع متطلبات العصر والمتغيرات الاجتماعية والسياسية ، وقد مكن الدولة من تحقيق المبادرات التي تستجيب مع آمال ومطالب الاردنيين ومواقفهم النبيلة تجاه قضايا الوطن والامة .
كما اكد ان جهود وتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني اثمرت نحو الاصلاح السياسي والاقتصادي ، بانجاز قانون الانتخاب وقانون الاحزاب في فترة قياسية ، بعد تشكيل لجنة الحوار الوطني بمشاركة نخبة من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني والاطياف السياسية ، كما اثمرت التوجيهات الملكية بوضع توصيات توافقية للاصلاح الاقتصادي بمشاركة نخبة من ممثلي القطاعات الاقتصادية في المملكة لتشكل قاعدة افكار موثوقة للاستراتيجيات الاقتصادية المستقبلية.
وقال البخيت لقد جاءت صيغة الأصلاح شاملة لجوانب اجتماعية وادارية استندت إلى تكريس مبدأ العدالة والمساواة بين ابناء الوطن الواحد ، وهي الاسس التي انطلقت منها هيكلة وظائف ورواتب موظفي القطاع العام ودراسة اعادة هيكلة المؤسسات والدوائر الحكومية التي تم اقرارها بعد جهود كبيرة ومكثفة خلال الاشهر الثلاثة الماضية، بالإضافة إلى انجاز قانون البلديات واستكمال الاجراءات الضرروية لتحقيق حلم المعلمين بانشاء نقابة لهم.
واضاف « كما جاءت مبادرة تعديل قانون الاجتماعات العامة تعبيرا عن احترام حرية المواطن في التعبير عن الراي، وتعبيرا عن الثقة المتبادلة بين الدولة وابنائها في تحمل مسؤوليات المرحلة واستثمار اجواء الحرية والديموقراطية في تعزيز تماسك البنية الوطنية وحماية وحدة الاردنيين» .
ولفت رئيس الوزراء الى ان غالبية مطالب ابناء الوطن بتحسين شروط العمل عبر القنوات النقابية والشعبية وغيرها، مطالب مشروعة نسعى لتحقيق القدر الامكن منها ضمن الامكانات المتاحة ، وقد بدأنا ذلك فعلا بانجاز الهيكلة الشاملة للرواتب، ووضع اسس العدالة في التعيين والترفيع لترسيخ المساواة ... المساواة التي ستساعدنا جميعا على الصبر ريثما يحل الفرج مؤكدا ضرورة التذكير بالامانة والمسؤولية الاخلاقية والانسانية التي يتولاها الموظف في القطاع العام وفي القطاع الخاص قائلا: لا نريد ان نصبح كالأمم التي زاد جدلها وقل عملها ، فقل خيرها وضاعت فرصها.
وشدد رئيس الوزراء على ان الفساد افة وعلة، يقتات اربابها من خيرات الدول وحقوق مواطنيها، وهو فعل خارج عن الدين والاخلاق.
وقال ما اشبه اليد التي تمتد إلى المال العام بغير حق باليد التي تمتد لتمس العرض والشرف، وهي اياد لابد من كفها ومعاقبة اصحابها، ولابد في الوقت نفسه من التكاتف لتوفير البيئة الكفيلة بكشفهم ومنعهم من التخفي وسط المعلومات المضللة والاشاعات والاقاويل الضارة بسمعة الوطن. واكد ان الحكومة قامت بتعزيز ودعم هيئة مكافحة الفساد بالكوادر المدربة والتجهيزات الفنية اللازمة للقيام بعملها على الوجه المطلوب وشكلنا لجنة استشارية عليا للتدقيق والنظر في القضايا التي تثار حولها التساؤلات حول شبهات فساد ، حيث تم احالة ملفات كثيرة للقضاء وللهيئة ، وملفات حيوية اخرى للتدقيق والتأكد من سلامتها القانونية .
وقال البخيت هو عهد قطعناه على انفسنا ، التزاما بامانة المسؤولية ، ببذل المستطاع لمحاسبة من يعتدي على ارادة القانون فيستبيح المال العام ، ويستهين بكرامة المواطنين مشيرا الى ان الفساد طريق ذي اتجاهين ، ولا يقتصر على انتهاك القوانين والانظمة في إدارة المال والسلطة ، بل يمتد ايضا إلى انتهاك المبادي والاخلاق والقيم التي نصت عليها تعاليم الدين الحنيف ، بالغش والتضليل وتزوير الحقائق و السلع والبضائع وإهمال إجراءات السلامة العامة وحماية صحة المواطن ، وفي الامتناع عن أداء الواجب في خدمة أو إغاثه المواطن ، او تعطيل عجلة الانتاج بما يضر باقتصاد الوطن .
واكد ان علينا جميعا ان نتكاتف لنواجه ذلك كله ، ونفرق بين حسن النوايا والمطالب العادلة من جهة ، وبين دعوات الفتنة واغتيال شخصية الوطن من جهة ثانية ، علينا ان نفرق بين دعوات الاصلاح الحقيقية ، وبين طلاب الشهرة والظهور وانتهاز الفرص والعزف على مشاعر المواطنين لتحقيق مكاسب مادية وسياسية .
وشدد رئيس الوزراء على ان الاستقلال أمانة نتوارثها وتتوارثها الأجيال المتعاقبة ، ومسؤولية تزداد ثِـقَـلاً في مواجهةِ التحدياتِ الناتجةِ عن ثباتِ الأردن ، عند مواقِفِهِ القوميةِ في ظِـلِّ المتغيراتِ على الساحةِ الدولية مؤكدا ان الاردن كان ومازال حاجزا مانعا لكل محاولات العبث بحقوق الفلسطينيين في ارضهم وفرض واقع غير شرعي فيها ، وما زال يدعم بيت المقدس واهله ويشدد على اهمية الاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة ، كأولوية قصوى في المصالح العليا للدولة .
وقال ان هذا الموقف أكد عليه جلالة الملك عبد الله الثاني في زيارته الأخيرة إلى واشنطن ، التي بلورت الجهود المطلوبة من المجتمع الدولي لدفع عملية السلام ، وكسر الجمود الذي يزيد من الاحتقان الذي يهدد امن واستقرار شعوب المنطقة .
ونوه البخيت الى ان تعظيم انجازات الوطن هو انصاف لابنائه المخلصين في العطاء والعمل والاصرار على النهوض بالاردن وحمايته والحفاظ على مكانته لافتا الى ان نقابة المهندسين الزراعيين عماد يستند اليه الوطن في النهوض بالامكانات الزراعية وحماية البيئة ودعم المزارع في حماية ارضه ومهنته وادامتها في ظل الصعوبات البيئية والاقتصادية .
من جهته اكد نقيب المهندسين الزراعيين المهنس عبدالهادي الفلاحات ان مناسبة استقلال الدولة الاردنية الخامس والستين تعتبر الفصل الاهم في تاريخ وطننا الحديث والتي لا يمكن الفصل بينها وبين المشروع العربي الكبير الذي كان الهدف لثورة العرب الكبرى مستذكرا قول الملك المؤسس بان العنصر العربي الذي يميل الى الحرية المطلقة لا يطيق الحبس او الحصر .
وقال مع اعترافنا بعظيم الانجازات التي تحققت وعلى كافة الصعد وهي كثيرة وعظيمة وشاهدة بل وحاضرة في قلب وعقل كل اردني حر الا ان نهج الاصلاح وتعزيز المشاركة في رسم السياسات وتحمل المسؤوليات هو الاداة الافضل لمواجهة الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. واكد اهمية المضي قدما في عملية الاصلاح الشامل وتفعيل سيادة القانون والفصل بين السلطات وتكافؤ الفرص بين ابناء الوطن واعتماد مبدا الحاكمية الرشيدة وتحصين المجتمع بمنظومة القيم والسلوك المستمدة من الشريعة وتفعيل المبدا الدستوري الخاص بالولاية العامة لمجلس الوزراء وتوزيع مكاسب التنمية بصورة عادلة وانجاز قانون انتخاب وطني يكرس الانتماء للوطن ويعزز وحدة المجتمع الاردني ونسيجه الاجتماعي ويحفظ استقرار الدولة في ظل هذه الامواج العاتية التي تعصف بالمنطقة والاقليم.
واشتملت الاحتفالية التي حضرها عدد من الوزراء ورؤساء واعضاء النقابات المهنية على فقرات فنية قدمتها فرقة معان للفنون الشعبية وقصائد شعرية للشاعر فليح الجبور تغنت بالاستقلال وبالانجازات التي حققها الاردن بقيادته الهاشمية على الاصعدة كافة.
وتجول رئيس الوزراء في معرض الصور «الاردن تاريخ وحضارة» الذي يشتمل على صور ولوحات من العاصمة عمان والمحافظات منذ اكثر من مئة عام وحتى يومنا هذا .
رد مع اقتباس
المفضلات