الناقد السعودي د . حسن بن فهد الهويمل يدعو كتاب الرواية للكتابة عن الجنس
فما رأيكم بهذا التحول !
==================================
في خطوة جريئة جدا طالب الدكتور حسن الهويمل كتّاب الرواية بتناول الجنس، وقال "أنا لست ضده، بل مع توظيفه بشرط أن يغلب الفضيلة على الرذيلة، كما في القرآن من خلال قصة يوسف، والجنس جزء من حياتنا، وإذا استطاع الروائي توثيقه بشكل جيد فما المانع"، وقال أن العمل الروائي ليس كالشعر، مرحباً بأي عمل روائي، حتى لو كان أقل في أخلاقياته، وقال "إن الرواية تعتبر ناقلاً خطيراً للأفكار والقيم والأخلاق وخطرها أكبر من الشعر"، مطالبا النقاد بعدم التصادم، والبحث عن القواسم المشتركة.
واتهم الهويمل خلال محاضرة عنوانها "الرواية السعودية.. نظرة نقدية" في منتدى العمري الثقافي مساء الجمعة الماضي في مستهل نشاط المنتدى السنوي، نجيب محفوظ بأنه سرق رواية أولاد حارتنا من كتاب "الدجالون الثلاثة"، وقال "إن الكتاب لديه في مكتبته، وإن غازي القصيبي لم يتقيد ببناء الرواية في "أبوشلاخ البرمائي"، وعرج على عبده خال في رواية "الطين" التي اتهمها بأنها مغرقة في الخرافة والأسطورة.
وتحدى الهويمل من قرأ رواية "خاتم" لرجاء عالم وفهمها، وقال قرأتها ولم أفهمها، وعن سبب انتشار الرواية قال "الكل يستطيع أن يكتب"، وبين أنه لم يعجبه إلا الروائيين العراقيين، واعترف الهويمل بأن ليس هناك نقد ديني ولا إسلامي، بل هناك نقد ثقافي، وأنا أتعامل مع النص مع اللغة والدلالة والفن، والدين لا يمنع الإبداع الروائي، موضحاً أن الأعمال الروائية أصبحت "مؤدلجة"، مبيناً في نهاية حديثه أن مشهدنا الثقافي أصبح مستباح الحمى، لا ينظرون إلى مشاعر المتلقي، ولا يحترمون القيم.
وتحدى الدكتور حسن الهويمل النقاد السعوديين أن يكونوا قد فهموا رواية "خاتم" لرجاء عالم، وقال: "لا أحد يستطيع فهمها، وأتحدى أي أحد سواء كان ناقداً أو متلقياً أن يفهمها"، مضيفاً أنه من الممكن لأي ناقد أن يناقش الرواية من ناحية منهجها «لكن كيف نتصرف إزاء روايات رجاء عالم التي تجيء مغرقة في الغموض والأساطير والخرافات، أو رواية "العصفورية" التي لا تتقيد بأصول الرواية الفنية أو حتى من خلال "أبو شلاخ البرمائي" التي تعتمد على مجرد الحوار الثنائي".
وكان الهويمل تحدث واصفاً دعوته للحديث عن الرواية بأنه وافق هوى في النفس، وقال إن الرواية السعودية الراهنة "عبء وإدانة للمرحلة إذا لم تواجه بالنقد الذي يحترم المصداقية مع النفس"، مشيراً إلى أن الرواية «ناقل خطر للقيم والأخلاق والرؤى، ويجب أن تجسد هم الأمة وتطلعاتها".
في المحاضرة التي حضرها أكاديميون كثر تابع الهويمل استعراض بعض الأمثلة على الرواية السعودية، فقال إن روايات عبده خال (الطين مثلاً) "رواية غريبة لأبعد الحدود باعتمادها على اللغة من ناحية، ومن ناحية أخرى أنه بدأها مغرقا في الأسطورية والرمز والتخييل الغامض، لينتقل بعد ذلك فجأة لعرض شخصيات ووقائع حقيقية مثل شخصية أستاذ الجامعة بكر با قادر". وأضاف أن رواية بنات الرياض ليست عملاً فنياً واصفاً إياها بالهابطة أخلاقياً ولغوياً.
وكشف أن في مكتبته ما يقارب 4000 عنوان في الأدب السعودي، فيها روايات كثيرة "لكن قلما يستوقفني منها عمل أو عملان أو ثلاثة مستوفياً هذه الأبعاد"، ولفت إلى أن البناء اللغوي "مجرد وسيلة وليس غاية بحد ذاته، وإذا جردنا الأدب من الأخلاق واهتممنا باللغة فقط، فمعنى هذا أننا لا نعرف أن نفرق بين الأدب ورسالته»، موضحاً: «من الممكن أن أقبل عملاً يحقق الشرط الجمالي لو كان صاحبه لا يحقق الشرط الأخلاقي في الشعر، كما في شعر نزار، لكن العمل الروائي ليس كالشعر الذي من الممكن أن يكفيني منه الإيقاع والتغني والجرس".
وشدد الهويمل على أهمية النقد الأخلاقي للرواية السعودية. وقال: "هو تيار من النقد لا تجب محاربته، والناقد الأخلاقي هو من يوازن بين شرف اللفظ وشرف المعنى"، مضيفاً أن على الناقد تحري المصداقية فهو إما أن يفقد القراء وإما يفقد المبدع، ولا يمكنه إرضاء كل الأطراف، واعترف بحديته، وقال أعتز باتهامي بالحدية التي تعني نقد السيئات بأنواعها متى ما اجترحها مبدعوها"، مضيفاً: "للأسف تأتي كلمة مؤدلج دائماً بمعنى الذم وكثيراً ما توجه هذه الكلمة لأي ناقد يهتم بالبعد الدلالي أو ينقد أخلاقياً، والناقد الذي لا يمشي مع هذه الغوغاء يتهم بأنه تصنيفي ومؤدلج، على رغم أن الماركسية أصلاً جاءت بأبعاد دلالية ومؤدلجة، ومع ذلك لم يعب عليها ذلك".
وأوضح قائلاً: "لا يمكن أن نرفض الروائي لأن لديه جنوحاً أخلاقياً لكن لا يمكننا التصالح معه، لذا فالمطلوب من الناقد الحقيقي إبراز الجوانب الجمالية والإشادة بها، وأيضاً في الوقت نفسه الاهتمام بإبراز الجوانب الدلالية".
وأشار الهويمل إلى أن أساسيات نظام الحكم في المملكة، "تقوم على الإسلام والعروبة بمعنى أنها دولة إسلامية، فلا يجب أن تمرر ما يخالف الإسلام، كما أنها تقوم على العروبة، فلا يجب أن يخالف الإنتاج الأدبي اللسان العربي الفصيح"، مضيفاً أن الإبداع "شاء أم أبى لا بد أن يكون ضمن هذين الشرطين، والإبداع السردي خصوصاً مرتهن بهذا ضمن الأبعاد الثلاثة؛ اللغوية،الدلالية، والفنية".
وفي رد على بعض المداخلات نفى أن يكون هناك نقد ديني، "لكن هناك نقداً يستمد آلياته من النسق الثقافي المرتبط بالدين"، وقال إن المطلوب "أن يعامل أي نص روائي أولاً من جانب لغوي ثم من جانب فني وأسلوبي ثم نقيسه وفق البعد الدلالي، ولنا أن نرفضه وفق أي مقياس سواء كان سياسياً أو دينياً أو اجتماعياً أو السلطات الثلاث"، وحول ما طالبت به إحدى المداخلات بضرورة تشكيل لجنة نقدية لتمحيص النتاج الروائي وتقويمه قبل أن يصدر، رد قائلاً: "إن الإشراف قد يؤثر في حرية التعبير، لكن أتصور أن يكون هناك نقاد يتحملون مسؤولية المواجهة، فللإنسان حق التفكير كما يشاء لكن عند التجسيد والتعبير فيجب على الكتاب الروائيين مراعاة السلطات الثلاث؛ السياسية، الدينية، والاجتماعية، والكتابة بحرية مسؤولة".
المفضلات