بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كاشف البلاء , باسط الأرض ورافع السماء , خلق الخلق واختار منهم أصفياء .
يحبهم ويحبونه . فباعد بينهم وبين أعمال الأشقياء , فتقبل منهم أحسن ما عملوا وتجاوز عن سيئاتهم يوم اللقاء .
وسبحان من خلق الجنة وجعلها للمتقين داراً , وخلق النّار وجعلها للأشرار قراراً .
وألهم قلوب الأبرار أن يلتمسوا من سبل الهدى أنواراً , فتكشفت لهم حجب الأستار ,
فأبصروا من النور أسرار . نالوا بها رضا العزيز الغفّار , فسلكوا طريق الجنّات وفازوا بعلا الدرجات . فتولى ربهم أمرهم في الحياة وبعد الممات .
" نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة "
:.•_•.: سـلـسـلـة " عـــلـــمــني رســــول الله " :.•_•.:
سلسة رقيقة رقراقة
نتناول فيها بعض الوصايا والأخلاق التي تحلّى بها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم
والتى وصّى بها أصحابه ونحن من بعدهم
نطوف مع تلك الأحاديث العطِرة لنستلهم الدروس والعبِر .
ونسعى سوياً حول مسراج النبوة وموطن الخلق ومنبع الفضيلة
وقدوتنا وأسوتنا
كما قال ربي
" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة "
ونطوف اليوم مع خلق جميل
قلما نجده في زمننا هذا
خلق فريد
ولما ولقد اشتق الله له اسم من هذ الخلق
إنه
خلق
" الـــكـــرم "
تعالوا بنا يا كرام لنأخذ جولة واسعة في هذا الخلق الجميل
تعالوا لنقطف زهرة جميلة من هذا البستان اليانع الماتع
تعالوا بنا لنعرف أكثر وأكثر عن
" الــكــرم "
تعريف " الــكــرم "
الكرم بذل المال أو الطعام أو أي نفع مشروع ، عن طيب نفس ، والكرم ضد البخل ،
وهو من اشرف الخصال والسجايا، وأعزّ المواهب وأخلد المآثر.
وناهيك في فضله أنّ كل نفيس جليل يوصف بالكرم ويُعزى إليه .
فهو العطاء بدون قصد , والجود بدون عَدّ , والبذل بدون حَدّ .
الكـرم من واحة القرآن الكريم
تعالى معي سريعاً سريعاً لنطوف سوياً حول الآيات الكريمة التي تحثنا على الكرم
والنماذج التي سطرها القرآن الكريم في الكرم والجود و العطاء .
بسم الله الرحمن الرحيم
(الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَهُمْ يَحْزَنُونَ)
(لَنْ تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْء فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)
(مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّة أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَة مِّاْ ئَةُ حَبَّة وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
(وَلاَ تَجْعَلَ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلِّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً)
(الَّذينَ يُؤمِنُونَ بِالغَيبِ وَيُقيمُونَ الصَّلاةً وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون)
( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني الى اجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين )
( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )
( وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله و لله ميراث السماوات والارض )
( والذين في اموالهم حق معلوم للسائل والمحروم )
( فأما من أعطى واتقى وصدّق بالحسنى فسنيسره لليسرى )
الـكـرم من واحة السنة
تعالى معي أيها الحبيب الأريب لنطوف حول هذا المحراب المهيب
السنة النبوية
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن الله تعالى كريم يحب الكرم، ويحب معالي الأخلاق، ويكره سفسافها "
" الحسب : المال ، و الكرم : التقوى "
" قال الله تعالى في الحديث القدسي : يا ابن أنفق أنفق عليك "
" يد الله ملأى لا تغيضها نفقة ، سحاء الليل والنهار .
أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يده "
" إذا أنفق المسلم نفقة على أهله ، وهو يحتسبها ، كانت له صدقة . "
جولة في رحاب " الكـرم "
أنواع وأشكل الكرم
أولاً
الكرم مع الله ورسوله
وهو ان تحسن العبادة لله كما أرادها الله , وأن تقتدي بسنة النبي وتسير على هديه
وأن تكون كريماً مع عباد الله ومع أتباع رسول الله
أذكر فقط بحديث قدسي جليل
" إن الله عز وجل يقول ، يوم القيامة : يا ابن آدم !
مرضت فلم تعدني . قال : يا رب ! كيف أعودك ؟ وأنت رب العالمين .
قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده . أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده.
يا ابن آدم ! استطعمتك فلم تطعمني . قال : يا رب ! وكيف أطعمك ؟ وأنت رب العالمين.
قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ؟
يا ابن آدم ! استسقيتك فلم تسقني . قال : يا رب ! كيف أسقيك ؟ وأنت رب العالمين .
قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه . أما أنك لو سقيته وجدت ذلك عندي "
فأنظر إنك إن تعاملت الله بالكرم بأن تكرم عباده
فهنا تكون قد طبقت الكرم مع ربك ومع نبيك .
ثانياً
الكرم مع النفس
فلا تهن نفسك وأعطها وامنحها من مكارم الأخلاق , وتفضل عليها بكل ما يجملها ويزكيها.
أكرم نفسك بخلق رسول الله
أكرم به فلقد كان خلقه القرآن .
ثالثاً
الكرم مع الأهل والأقارب والجيران والناس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إذا أنفق المسلم نفقة على أهله ، وهو يحتسبها ، كانت له صدقة . "
فأنفق ولا تخشى من ذي العرش إقلالاً
وقال أيضاً نبينا عليه صلوات الله ورحماته
" ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه "
رابعاً
الكرم في حوائج ومصالح المسلمين
وليكن عثمان رضي الله عنه مثالاً لنا
عندما جهز ثلثلي جيش مؤتة بمفرده .
وعندما اشترى البئر من اليهودي ليسقي المسلمين .
وعندما وسع المسجد النبوي .
إنه عثمان المعطاء فكن كما كان .
المفضلات