اجتنب أية عبارات تثير الانفعال !!
رفضت كل أنواع الظلم والفساد عشت حزينا في رحم وطن تناوشته أسهم الغدر والأحقاد دون ان أعرف أدنى سبب يدعو لظلم هذا الوطن ورغم ان حنانه لا يفرق بين جنسية أو دين أو قومية ..
حاورت وطني وكل أخذ يشكو للآخر همه وحزنه ..
يا وطني ما لشعبنا والتملق للحكام ؟؟ حين يأتي حاكم تعتلي صوره في كل اتجاه وأينما سرنا نراه في كل مكان حتى في الملاهي والمقاهي والأسواق يظهر ضاحكا أو مبتسما رغم أنك يا وطني تبكي قهرا وحزنا وتصيح من الآه ..
يتسامرون ويلهون ويفسدون وأنت يا وطني حتى بلاياك بأنواع البلايا مبتلاة وحين يحاول المرء منا رفع الصوت رفضا لسلوك الحكام والوعاظ تراهم يعتقلون حتى الصوت وينتزعون الشفاه التي تصدح بالحرية والعدالة والإنصاف والناس تُعدم يوميا بالآلاف على التهمة والاشتباه وحكامنا والمتملقين سالمين منعمين بفضل ثرواتك وخيراتك ..
أجاب الوطن يا ولدي إذن ماذا تقول حين تعرف الحقيقة ؟؟ هل تعلم يا ولدي أن هذا الحاكم ووعاظه يشعرون بالمن عليكم حين تشاهدون صورهم في كل اتجاه ويحسون بالفضل عليكم حين أبقوكم إلى الآن على قيد الحياة !!
صحت وبكيت بأعلى صوتي يا لها من ظليمة ، فهم حين يظلموننا ويسلبون منا حقوقنا يمنون علينا لأنهم أبقونا على قيد الحياة ؟؟!! فما قيمة الحياة تحت ظل الظلم والاستعباد ؟؟
ففكرت بكتابة مقال لا يأخذ من وقت المتتبع والمراقب ولا تخشى من نشره الصحف والإعلام فهيئت القلم والأوراق وحضرت جميع الآراء وبكل رباطة جأش وشجاعة كتبت كلمة ( لا ) لأبرهن بها عن رفض كل الظلم والفساد ومآسي الاحتلال ولأدافع عن الشعب الأعزل وعن كل أرباب النضال وعن الطفل الذي يحرق في الثورة كي يغرق في الثورة أشباه الرجال ..
لكن حين رأى المسؤول مقالي قال اجتنب كل عبارة تثير الانفعال ، فبدلا من كتابة مآسي خففها وقل إن الوضع ماسي !! قلت لعل هذه الكلمة تشكل إحراجا لأصحاب الكراسي !! وأخذ المسؤول في النقد فقال احذف من مقالك كلمة الأعزل لأنها تحريض على عزل السلاطين والحكام واحذف كلمة الدفاع كي ندفع عنك الاعتقال واحذف كلمة الطفل فلا يحسن خلط الجد في لعب الأطفال واحذف كلمة الثورة فالأوطان في أفضل حال !!
عجبا والله !! يلومون الشعب حين يخرج إلى الشوارع ليطالب بحقوقه المسلوبة ويتهمونه بشتى التهم لكن لم يكلفوا أنفسهم عناء السؤال لماذا خرج الشعب ؟؟ وللتذكير فقط انقل هذه الحادثة التي جرت في نيويورك فقد كان هناك حاكماً يدعى "لاجارديا" مشهور بالحزم والعدل والإنسانية وذات يوم وقف أمامه رجل عجوز متهم بسرقة رغيف خبز قال الرجل العجوز وهو يرتجف خوفا أنه أضطر ليسرق الخبز لأنه كان سيموت جوعاً، حينها قال الحاكم بما انك تعترف بسرقتك فعقوبتك أن تدفع عشرة دولارات وساد المحكمة صمت ملئ بالدهشة قطعه الحاكم بأن أخرج من جيبه عشرة دولارات أودعها في خزينة المحكمة ثم خاطب الحاضرين وقال هذه العشرة دولارات لا تكفى ولابد أن يدفع كل واحد منكم عشرة دولارات لأنه يعيش في بلدة يجوع فيها رجل عجوز ويضطر لسرقة رغيف خبز ليأكل فجمعت 480 دولارا أعطاها الحاكم للعجوز مع وثيقة اعتذار من المحكمة !!
فنحن اليوم أيها الحكام (ومن يدافع عنهم) بحاجة إلى المحبة ليس بالقول والكلمات وإنما أن تترجم بالأفعال فنحن بحاجة قبل العدالة إلى الرحمة العملية فبدلا من لوم الشعب لأنه ينتقدكم عليكم ان تفكروا في الأسباب التي دعت الشعب لسلك هذا الطريق ..
فلماذا بدل ان تتم محاربة الفساد والمفسدين تقومون بالتغطية وحماية المفسدين ؟؟ فبماذا يفسر إجراء رئيس الوزراء نوري المالكي حين طلب من رئيس الجمهورية جلال طالباني نقض قرار مجلس النواب بإلغاء المادة (136- ب) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 والذي صوت عليه البرلمان في 18 نيسان الماضي ، هذه المادة التي كانت تمنح الوزير صلاحية عدم إحالة الموظفين والمديرين العامين ومن هم بدرجة خاصة في الوزارة إلى القضاء بتهم الفساد !!
وفي الحقيقة هذه الأساليب عبارة عن دليل غير قابل للشك يثبت بأن المالكي لديه أسبابا حقيقية في التغطية على الفاسدين ومنع فتح ملفات الفساد وهذا ما حصل بالفعل فقد قام مسؤولون كبار ووزراء معظمهم من حزب الدعوة بمنع استجواب الموظفين المتهمين بقضايا فساد ولا يفهم بالخطأ أن هذا الكلام يخص المالكي فقط بل العديد من الجهات السياسية والدينية متورطة في هذه الأمور فنحن اعتدنا ان يكون الفساد بأنواعه ملازما لأعضاء البرلمان والحكومة بل والأصعب من ذلك ان الفساد وصل إلى المؤسسات الدينية وهذا ما ينذر بمستقبل مجهول ومخيف للعراق والشواهد كثيرة ومنها قضية جامعة البكر ودور مرجعية السيد السيستاني في عملية بيعها , ومعسكر النجف (الحامية) والتي تقدر مساحتها ب (100) دونم حين قامت البلدية بتأثيرات من قبل المرجعية ببيع حامية النجف إلى الوقف الشيعي بسعر رمزي قيمته 1000 دينار للمتر الواحد والذي تساوي قيمته الفعلية حوالي مليون دينار للمتر حسب كتاب مديرية البلديات العامة المرقم (20699 في 5 – 11 – 2008) لغرض إنشاء مدينة علم سميت بالمدينة العلمية في النجف الاشرف ..
ومن المضحك المبكي أن احد الأصدقاء يعمل في وزارة الكهرباء حكى لي بعض الأمور التي تبين مدى الفساد المستشري في هذه الوزارة بالخصوص ومنها عملية جباية الضرائب من المواطنين مقابل الكهرباء (رغم عدم وجودها) وهذه العملية في ظاهرها تعتمد على العدادات التي تنصب في البيوت والمحلات وغيرها لحساب صرفيات الكهرباء وعليها يعتمد في تحديد المبالغ المالية ، لكن الحقيقة خلاف هذا الأمر فهم لا يسيرون وفقه هذه الآلية وإنما يقوم المسؤولون بتقدير الأموال وبالتالي يقومون بتقسيمها على المواطنين بغض النظر عن مقياس الكهرباء وسواء كان المواطن قد استهلك كثيرا من الكهرباء أو لا ، ونحن نعلم ان الكثير من المتجاوزين والذين يقومون باستهلاك الكهرباء مع عدم وجود المقياس لا يقومون بدفع أجور الكهرباء فتقع بالنتيجة على كاهل المواطن الذي يتوفر عنده العداد واسمه مسجل ضمن قوائم وزارة الكهرباء !!
فمسألة التلاعب بالمال العام وتحقيق المنافع على حساب الشعب هذا الأمر مرفوض وقد ظهرت العديد من القضايا التي ثبت من خلالها الفساد ومنها مسالة عقود التسليح وعقود وزارة التجارة وما سيظهر لاحقا في عقود وزارات الصناعة والزراعة والنفط .. كل هذا ألا يثير ولو بعض الاستفهام أمام من يسخر كل إمكانياته للدفاع عن هؤلاء ؟؟
حسام صفاء الذهبي
المفضلات