في سن العاشرة من العمر ، كان التوأمان خنساء وصقر يقضون وقتيهما كأي طفلين من نفس العمر هناك في الريف ، باللعب واللهو ببراءة الأطفال المعهودة ، وأحياناً يصطحبهما أبوهما للوادي القريب حيث يرمي صنارته في المياه ، ويعود أحياناً بصيد يكفي الأسرة غداءها في اليوم التالي ........
في أحد الأيام ذهب الوالدان لزيارة عائلية ، وتركا الطفلين في المنزل لوحدهما ..........
أقنع صخر أخته بالذهاب معه للوادي ومحاولة اصطياد الأسماك لمفاجأة الوالدين بصيد وفير حال عودتهما ، لقد ذهب الولد للمكان الذي يجلس فيه والده تماماً في كل مرة ، فوق صخرةٍ على حافة الوادي ورمى صنارته بدون طعم لقلة خبرته ، وأخته جلست على بعد خطوات منه تراقب الصياد الصغير .
علقت الصنارة بين صخرتين كبيرتين فظن الطفل أن سمكة ما قد علقت ، فقام بشدها بقوة ، ولكن محاولته لم تنجح ، فتقدم خطوتين اثنتين مجبراً ولكنه وجد نفسه في النهاية مسحوباً بتيارٍ مائي يدفعه حسب اتجاه النهر ، وشاهدته خنساء وهو يبتعد وكان يحرك يديه ، وهي متوهمة أنه يسبح ويرسل لها التحية عبر يديه ، ولكنه في الحقيقة كان يطلب النجدة ..........
فهمت خنساء الأمر بعد أن أخذه النهر بعيداً واختفى عن ناظريها ......
أخذت تصرخ وهي تجري مع النهر ، تبحث عن أخيها ، ترجوه أن يتراجع عن مغامرته ، أن يخرج ، أن يعود ، وظلت تجري وتجري وهي لا تدري عن المسافة الهائلة التي قطعتها ،ولا الزمان الذي مضى من عمر النهار ....
لم تعد تهتم للون الفراشات المحلقة ، ولا صوت العصافير ، وداهمها الغروب سريعاً ، وهي تركض تائهةً بحثاً عن أخيها وتوأم روحها وجسدها ، وكان التوقيت أن عادت الطيور لأعشاشها والعمال والمزارعين لبيوتهم ، وفجأةً داهمها رعب شامل ......
رعب الجوع .........
رعب العطش..........
وحشة الظلام ..........
رعب الوحدة...........
ولكن آخر كلمة تردد صداها قبل أن تصل للجنون المطلق ، وردد صداها الوادي الموحش صخرررررررر
" بقلمي "
المفضلات