مازال بعض المواطنين لا يعيرون انتباها لكلّ ما يشترونه، حتى لو تعلق الأمر بصحتهم، وبما يمكن أن يسبب لهم خطرا، وهو الأمر الذي يوقعهم لا محالة في استعمال بعض المواد التجميلية التي ليست دون فعالية فحسب، ولكنها كذلك خطيرة على البشرة والجلد، مثل بعض أنواع مراهم الشعر أو "الجال" التي غزت الأسواق والتي أكد بشأنها خبراء أنها تسبب الصلع بل وسرطان الجلد.
مصطفى مهدي
كانت البداية عندما مررنا بسوق "زوج عيون" حيث يصطف الباعة الفوضويون يبيعون منتوجاتهم المتنوعة، من ملابس وأحذية ومأكولات ومواد التجميل، هذه الأخيرة، التي وفوق أنها تتعرض إلى أشعة الشمس يوميا، وهو ما يجعلها تتلف بسرعة، بعد أن تفقد فعاليتها كلها، فوق ذلك فإنّ بعض أنواعها مشبوهة، هي علامات قد لا نجدها حتى في المحلات العادية، يبيعها أصحابُها على أنها آتية من أوروبا، وقد تكون كذلك، ولكن ما لا يعلمه المواطن البسيط أنّ كثيرة هي تلك التي تغير علبها، ولا تحمل بالتالي تواريخ الصلاحية الحقيقية، وهو الأمر الذي يعرِّض المواطنين، وخاصة الشبان الذين يقبلون عليها على الخطر، ليس الخطر بان لا تكون تلك المواد غير ذات فعالية، ولكن حتى الخطر من الإصابة بأمراض، وبالصلع خصوصا، ونحن نتجول بالحي، رحنا نفتح بعض علب "الجال" والتي اكتشفنا أنّ المادة الموجودة فيها لا يطابق ما كتب على العلبة، من حيث نوعية المرهم ورائحته، وعندما سألنا البائع قال انه يبيع ولا يصنع "الجال" قال هذا وهو يبيع للشباب الذي اقبل عليه، خاصة وان سعر العلبة لم يتجاوز الخمسين دينارا، وان كان سعرا زهيدا، فهو يثير الشكوك، خاصة وان ذلك المرهم كان من علامة شهيرة، ولكن البائع يضيف فيقول:"لقد أتتني هذه السلعة من أوروبا، وفي علب مغلقة كذلك، ولا يمكن الخوف من أي شيء، ثم انه بإمكانك أن تجرب، وإذا أصبت بالصلع فعد إليّ، وقاضِني"، قال البائع هذا بمرح، ولكنه كان يفعل لكي يجلب الزبائن أكثر فأكثر.
مراد شاب عزف عن الشراء بعدما فعل مثلنا، أي فتح العلبة، ولما رأى أن المادة التي فيها لا تطابق ما هو مكتوب على ظهر العلبة، أعادها، وقال لنا: "لقد كنت أتاجر في المواد التجميلية، وأعرف جيدا تلك التي تقدم فعلا من أوروبا، او التي لا تتعرض للتلف، والأخرى التي تغير علبها حتى لا تظهر تواريخ الصلاحية، هي كلها حيل كنت أتفاداها عندما كنت أبيع المواد التجميلية، كان التجار يبيعونني، او يعرضوا علي شراء بعض المواد المشبوهة، ولم أكن اقبل، لأنه حدث لي وان جعلت أبناء الحي يصابون بتساقط الشعر، فتوقفت، ولحسن الحظ أنهم شفيوا، وعندما عرضت تلك المواد على طبيب الحي قال لي أنها يمكن أن تصيب بسرطان الجلد وبالصلع، وبأنها اخطر مما نعتقد، وهو الأمر الذي دفعني أن أتوقف عن تجارة "الكابة" ففي الوقت الذي أحاول فيه أن أبيع مواد صالحة يفضل الزبائن إلى الاتجاه إلى السلع الرخيصة الثمن والقيمة".
المفضلات