عمان - منال القبلاوي - قبل سنة واربعة اشهر كان الطفل (علي) والبالغ من العمر خمس سنوات لا يستطيع بسبب اصابته بمرض التوحد تناول الطعام وحده اوحتى الشراب وكان مازال يبول على نفسه ويخاف من الاخرين وخاصة الرجال اضافة لعدم قدرته على النطق .
وكان (علي) يعتمد في كامل شؤون حياته على والدته وليس لديه اي تواصل اجتماعي مع الاخرين اضافة الى حدوث نوبات عصبية متكررة ومزعجة له بين فترة واخرى الا انه اليوم لا يتشابه مع (علي) الامس الا بالاسم والوجه فقط,وقد تغيرت سلوكياته وحياته كلها للافضل نتيجة التحاقه بالاكاديمية الاردنية للتوحد.
فقد اصبح (علي) اليوم يستطيع الاعتماد على نفسه كليا في طعامه وشرابه وحتى الدخول للحمام باستقلالية تامة دون مساعدة من الاخرين واصبح يستطيع النطق والحديث عن نفسه وعن جنسيته ويعبر عن احتياجاته المختلفة .
و(علي) واحد من مئة طفل اخرين مصابين بالتوحد وينتسبون للاكاديمية الاردنية للتوحد من المملكة ومن كافة الدول العربية المجاورة باعتبارها اول مركز متخصص يعنى بخدمة ورعاية اطفال التوحد في المنطقة .
المديرة الفنية للاكاديمية الاردنية للتوحد فخرية النمراوي بينت في مقابلة خاصة لـ «الراي» ان منتسبي الاكاديمية من الاطفال ، نوعان من حيث مدة اقامتهم بالاكاديمية ، فمنهم من يقيم اقامة كاملة مع المبيت في مبنى الاكاديمية والقسم الاخر يعود لاسرته بعد انتهاء دوامه بالاكاديمية.
واوضحت ان برامج العلاج المستخدمة مع اطفال التوحد من طلبة الاكاديمية من عمر 3 سنوات حتى 15 سنة تعتمد بشكل اساسي على برنامج تحليل السلوك التطبيقي ( ايه بي ايه ) والذي اثبت فعاليته على المستوى العالمي .
وبينت ان الاكاديمية التي انشأت سنة 2003 تتبنى تطبيق برامجها وخدماتها الشاملة من علاج للنطق وعلاج وظيفي وطبيعي لاطفال التوحد من خلال هذا البرنامج العالمي (ايه بي ايه) حيث عملت دورات لموظيفيها من المعلمين والاخصائين في هذا المجال .
ووفقا لها فان هذا العلم هو تحليل للسلوك التطبيقي والذي يقوم على النظرية السلوكية من اجل العمل على زيادة السلوكيات المرغوب بها لدى اطفال التوحد والتي تكون غير ظاهرة وتوجيه هؤلاء الاطفال للتفاعل الصحيح مع المجتمع وتعليمهم مهارات جديدة وابعادهم عن السلوكيات غير المقبولة اجتماعيا والتي تعيق اندماجهم مع المجتمع .
وبحسبها فالتوحد اضطراب نمائي تطوري يظهر بعد السنة والنصف الاولى من عمر الطفل .فيما تقوم الاكاديمية كغيرها من المراكز المتخصصة بالتوحد بتقيم الطفل بعد سن 3 سنوات لمعرفة شدة السلوكيات التوحدية لديه من قبل الاخصائيين وفقا للبرتوكلات المعمول بها في الاكاديمية .
وبعد التقيم تشكل الاخصائية فكرة عن الطفل ونقاط الضعف والقوة لديه ويتم وضع خطة فردية لكل طفل للتعامل معه وتعليمه .فكل طفل يعتبر حالة فردية ويبقى التقييم مستمرا طوال فترة وجود الطفل بالاكاديمية لمعرفة مدى انجازه وفقا لخطته وبالتالي الانتقال لمرحلة وضع خطة متممة له .
واكدت ان العاملين بالاكاديمية هم من اخصائيي التربية الخاصة والعلاج السلوكي والوظيفي والطبيعي وعلاج النطق .
واكدت ان من ابرز معيقات عملهم التحاق الطفل في سن متاخرة للاكاديمية فكلما التحق طفل التوحد مبكرا يستفيد بشكل اسرع واكبر من البرامج المقدمة له .كما ان من المعيقات ان توقعات اسر اطفال التوحد و اهدافهم تكون عادة اعلى من مستوى ابنائهم كما ان الاهل ينتظرون من ابنهم تحقيق جميع الاهداف مرة واحدة دون تجزئة ووقت لتحقيقها .
وقالت «حاليا نحن نفتخر بـ (علي ) كحالة نموذجية فقد اصبح يتحدث واصبح مستقل تماما وبدأ يتعرف على الاحرف والارقام ويتلو سور صغيرة من القران الكريم وينشد بعض الاناشيد القصيرة واصبح يتفاعل مع الاخرين اجتماعيا بشكل جيد بمستوى سنه ولانه يقيم اقامة كاملة بالاكاديمية فقد زار اهله لمدة ثلاثة شهور كاملة حيث تابع اهله مع نفس برامجنا بتوصية منا كي لا تتراجع حالته .
حيث يحضر العديد من اهالي الطلبة جلسات تدريبية في هذا المجال لتدريبهم على البرامج المتبعة مع ابنائهم بتوصية من الاكاديمية .
وقالت كل حالة طفل توحد لها اهدافها الخاصة بها ولا يمكن تعميم الاهداف نفسها على كل الحالات فعملية التطور تختلف من طفل لاخر وكذلك الانجازات تختلف من طفل لاخر الا ان الهدف المشترك لدينا لجميع الحالات تطوير الطفل وجعله يعتمد على نفسه في قضاء حاجاته .
وبحسبها فهنالك 20 طفلا من ابناء الاكاديمية يتوجهون صباح كل يوم للمدارس النظامية كغيرهم من الاطفال الاصحاء - من المدارس التي تسعى لتصبح متكاملة تستقبل الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة من ضمن الملتحقين بها - وهنالك 10 اطفال اخرين على مقاعد التدريب حاليا لانطلاقهم للمدارس النظامية ايضا . كما ان هنالك 15 طفلا اخر من ابناء الاكاديمية توجهوا للتعليم المهني لتعليمهم المهارت المهنية حيث تلقى عدد منهم دورات تدريبة في مركز السلط للتاهيل المهني .
وتؤكد النمراوي ان طفل التوحد يستطيع ان يكون كغيره من الاطفال الاصحاء من نظرائه عمريا في حالة تلقيه الاساليب التدريبة المناسبة في عمر مبكر .
وبينت انه ينبغي على الاسر التي لديها طفل توحد التعامل معه باهتمام وعدم حجبه عن الناس والاهمال بحالته فهو اذا ما تعلم وتوجه لاحد المراكز المعنية بحالته تقل ثورات العصبية لديه حتى تنعدم و يستطيع ان يستخدم الكبيوتر والخلوي ويتحدث مع الاخرين ويكتب ويقرا ويكون صداقات الا انه يحتاج من اسرته المزيد من الانتباه فقط .
ودعت النمراوي جميع الاسر التي لديها طفل توحد ان تراجع احد المراكز المعنية سواء الحكومية او الخاصة لتطويره تدريبه وتعليمه لياخذ حقه في هذا المجال .
يشار الى ان الاكاديمية ستعقد مؤتمرها ومعرضا الثاني للتوحد العالمي الاردني تحت رعاية الامير رعد بن زيد لهذا العام السبت المقبل يشارك فيه اخصائيون من كافة التخصصات العلاجية على مستوى العالم من اجل رفع مستوى الخمة والمزيد من التسريع لتطوير مهارات اطفال التوحد.
المفضلات