نقص مدرسي الرياضيات والعلوم، او ما اطلق عليه في وقت مضى «التخصصات النادرة» مشكلة ليست بالجديدة تعاني منها وزارة التربية، هي كانت منذ عدة عقود، وليس سنوات، حتى لقد كان يمنع على حملة هذه التخصصات مغادرة البلاد دون تصريح سفر، كانت تصدره وزارة التربية والتعليم، وها هي الوزارة ومدارسها وصفوف طلبتها ما تزال تعيش المعاناة ذاتها، مما يؤشر على انه اما ان الوزارة لم تفكر بدواء يشفيها من هذه المعاناة، او ان الأدوية التي استعملتها حتى الآن جميعها فشلت وبقي الداء على حاله، حتى لقد لجأت الوزارة ذات سنة الى تخصصات علمية مهنية لتدريس العلوم في مدارس لم تجد الوزارة مدرسي علوم يقبلون في الذهاب اليها للتدريس.
اعلى نسب الاستنكافات عن الالتحاق بمراكز العمل - المدارس - التي تخصصها مديريات التربية، تقع بين حاملي هذه المؤهلات العلمية سواء اكانت رياضيات او علوم، وتعود أسباب هذه الاستنكافات عادة، الى ان التعيين يأتي في مدارس بعيدة خارج المدن الرئيسية التي يأبى هؤلاء الذهاب اليها وكأنها ليست قطعة من هذا الوطن، او ليس من حق ابنائنا في تلك المناطق تعلم الرياضيات والعلوم، وغالباً ما يترك هؤلاء مدارس وزارة التربية، ليلتحقوا بالمدارس الخاصة التي لم نسمع انها عانت مثل هذه المعاناة، في ضوء مزايا يجدها هؤلاء المعلمون هنا ولكنها لا تتوفر هناك عند المدارس البعيدة سواء في اعماق البادية، او حتى في اطراف المدن.
يبدو.. ان لا خطط قصيرة المدى او حتى بعيدة الأفق في معالجة هذه المعاناة التي تنتقل من عام دراسي الى آخر، وان التجارب التي نفذتها الوزارة، سواء بالاستنجاد بالموجهين التربويين، او حتى مديري ومديرات او غيرهم من حملة تخصصات تقدر على تدريس هذه المواد العلمية، تقول يبدو ان هذا كله لم يضع حلاً جذرياً يوفر معلماً ثابتاً يدرس برنامجاً معلوماً في مدارس وزارة التربية اينما كانت، ذلك ان هذه الادوات التي لجأت اليها الوزارة لمواجهة المشكلة، ليست ادوات دائمة، دخلت غرفة الصف عن رغبة في التدريس ولكن استجابة لتوجيهات فرضت عليها هذه المطالب التي جاءت بانتظار توفر معلم مؤهل قادر على تدريس هذه التخصصات.
ترددت كثيراً عبارة ابتعاث من تحتاجهم وزارة التربية من التخصصات العلمية - النادرة - في ضوء خطة متكاملة للتصدي لهذه المشكلة المدورة من عام دراسي الى آخر، لكن يبدو انه حتى هذا التوجه لم يصل بالوزارة الى بر الأمان الذي تطلعت اليه، ولا ندري عما اذا كانت الوزارة قد ابتعثت فعلاً عدداً من الطلبة لدراسة هذه التخصصات وماذا تم بشأنهم، هل التحقوا بالمدارس التي خصصت لهم بعد التخرج، ام انهم استنكفوا رغم ما وقعوه من تعهدات؟ اجمالاً يبدو ان توفر معلم مباحث الرياضيات والعلوم في مدارس وزارة التربية، مرتبط بشكل وثيق بتطوير احوال المعلم بشكل عام، فأسباب الاستنكاف تبقى بالدرجة الاولى.. مادية.. ترى ماذا فعلت وزارة التربية لمعالجة نقص معلمي الندرة هذا العام.
نزيه
المفضلات