تساءلت صحيفة واشنطن بوست عما إذا كان من واجب أميركا التدخل في أي منطقة تشهد تغييرا. وقال الكاتب جورج فيل في مقال بالصحيفة إن الصورايخ التي أطلقتها واشنطن على قوات القذافي تأتي قبل 29 يوما من الذكرى الخمسين لتدخل مماثل في خليج الخنازير بكوبا والذي حدث يوم 17 أبريل/نيسان 1961. وقال إن التدخل كشف تخبط وجهل المسؤولين الأميركيين بكوبا وجغرافيتها مما أدى إلى فشل كامل.
وقال إن أميركا تتدخل اليوم في بلد ذي طبيعة قبلية ويعاني حربا أهلية وهي لا تفهم طبيعته وتؤيد فصيلا لا تعرفه، مشيرا إلى تصريح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون "نحن نقف إلى جانب الشعب الليبي".
وأضاف أن بعض وسائل الإعلام تصف معارضي القذافي بأنهم "مقاتلو الحرية"، موضحا أنهم قد يكونون كذلك بالفعل، لكن لا أحد أطلق عليهم هذا الوصف وهو يعرف كيف ينظرون إلى أنفسهم وما إذا كانت الحرية تمثل أولوية بالنسبة لهم.
لكن الكاتب استشهد بما جاء في مجلة "ذي ويكلي ستاندرد" التي قالت إن الحكم في ليبيا يعتمد على شخص واحد، وإقصاؤه سينهي النظام ويحل المشكلة. وقال فيل إن المصاعب في ليبيا انطلقت قبل بدء المهمة، فمنطقة الحظر الجوي لم تحقق ما وصفه أوباما بـ"الهدف المحدد" وهو "حماية المدنيين"، لتتحول منطقة الحظر إلى حماية للطائرات التي تهاجم قوات القذافي.
ويضيف الكاتب أن هدف أميركا من الحرب يستحيل فصله عن عملية إسقاط نظام القذافي، ليكون هدف واشنطن هو إحداث فراغ سياسي على أمل تتابع الأحداث لاحقا، لكن ماذا لو لم ينهزم القذافي، هل واشنطن مستعدة لدعم الثوار؟
ثم ينتقل الكاتب إلى تساؤل أخطر وهو ماذا لو ترك سقوط القذافي فوضى شبيهة بالتي تبعت سقوط صدام حسين، هل ستتحمل واشنطن مسؤوليتها في بيئة قبلية؟
وقال الكاتب إن أوباما قرر الحرب بناء على تصريح قال فيه إن القذافي فقد ثقة شعبه وشرعية قيادته، وأضاف ساخرا إن مثل هذا التصريح يهدف للتخدير فقط، إذ متى فقد القذافي ثقة شعبه بل متى حصل على الشرعية؟ وأوضح فيل أنه إذا قلنا إن الحصول على الشرعية يتم من مجرد ممارسة الحكم، فهناك أنظمة غير شرعية كثيرة، فهل من واجب أميركا إسقاطها؟
وقال الكاتب إن قدرة الكونغرس على إعلان الحرب ضعفت كثيرا منذ آخر مرة طبقت فيها حيث كان ذلك في الخامس من يونيو/حزيران 1942 ضد بلغاريا ورومانيا والمجر، مشيرا إلى أن كثيرين يعتقدون أنه إذا منحت الأمم المتحدة أميركا تفويضا بشن الحروب فهذا يعني استبعاد الدستور.
ويتساءل عن من يساند هذا الطرح في الكونغرس، مشيرا إلى أنه مرفوض مسبقا خاصة من الجمهوريين الذين يصرون حاليا على أن الجهاز التنفيذي يجب أن يستند على أسس دستورية في تصرفاته.
ويذكر الكاتب بما حدث يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 1962 في ميامي عندما أمر بتنفيذ هجوم على خليج الخنازير واعدا بتغيير النظام في كوبا بقوله "أعدكم بأن هذه الراية ستعود بهافانا حرة".
وبعد 11 شهرا، أي في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1963 تورطت إدارته في تدخل عنيف لتغيير السلطة في بلد آخر مما أدى إلى مقتل رئيس فيتنام الجنوبية نغو دينه ديام. ويقول فيل "مع ذلك حدث تغيير في السلطة ويمكن اعتباره ناجحا، حتى لو أن سايغون أصبحت هوشي منه سيتي".
المصدر: واشنطن بوست
المفضلات