عمان - بترا - قال بيان صادرعن بطريركية الروم الأرثوذكس إن الأوصاف المسيئة التي تُطلق تجاه الكنيسة الأرثوذكسية التي ينتمي اليها معظم مسيحيو الأراضي المقدسة وخاصة المتعلقة بتشكيك البعض بمدى حرصها على العقارات الأرثوذكسية وبعض الشؤون الداخلية، تصل إلى حد محاولة اثارة الفتنة الكريهة بين أبناء الشعب الواحد لما تحتويه من تجني وتحريض وبث للدسائس.
وأضاف البيان الصادر امس الاحد عن البطريركية «نحن على ثقة كاملة بأن روح الفتنة، التي ترفضها الأديان السماوية، والتي يعكسها القائمون على حملة تشويه صورة بطريركية الروم الأرثوذكس، ما هي إلا محاولة بائسة لتوجيه بوصلة المجتمع الأردني في اتجاه مضاد لتوجهات و قناعات وجهود والتزام هذا المجتمع، فالأردن بكافة شرائحه ورث عن الهاشميين العهدة العمرية التي ولد من رحمها تفاهم تاريخي عميق بين مسلمي ومسيحي هذه الأرض الطيبة ليتجلى يومياً في حياتنا ويقضي على الفتن في مضاجعها قبل أن يثيرها البعض هنا وهناك».
واشار البيان الى ان انطلاقة الهجمة التحريضية على الكنيسة الأرثوذكسية كانت غير موفقة بحكم أنها استندت الى أنباء كاذبة منقولة عن صحف إسرائيلية متطرفة، لتجعل الصحف الوطنية الغراء جسراً تطبيعياً لنقل رواية المستوطنين المتطرفين الذين يسعون الى الاستحواذ على أملاك الكنيسة الأرثوذكسية ويروا في أبنائها الوطنيين خطراً على مخططاتهم الاقصائية.
واوضح البيان ان هذا ليس غريباً علينا، لكنه مدان، حيث أن مصدر معظم الفتن التي واجهتها الكنيسة الأرثوذكسية وأبنائها تصدر أولاً عن جهات يمينية متطرفة في اسرائيل ليضاف اليها لاحقاً خطاب ذات مصطلحات وطنية بهدف اثارة الفتنة. وقال إن كانت أقلام التحريض على البطريركية صادقة في نواياها، لتساءلت: لماذا تنشر مصادر اسرائيلية أخباراً تضر بمن تفترض هذه الأقلام جزافاً أنه حليف لإسرائيل وتوجهاتها الاستيطانية؟ ألا يفكر الانسان بالهدف الذي يرنو اليه اي تقرير صادر عن جهات إسرائيلية يمينية متطرفة تعمل بكد ليلا ونهار من أجل الاستفراد بقدسنا الحبيبة؟؟؟.
وأضاف البيان ان لم تتساءل هذه الأقلام، فإننا نود الاجابة عليها بأي حال: والجواب أن تفاصيل قضية مثل قضية أرض رحابيا المثارة أخيراً، والتي تم توضيحها في وسائل الاعلام وللجهات المعنية قبل ثلاث سنوات، تخوض الكنيسة الأرثوذكسية منذ ذلك الوقت معركة قضائية ضد «دائرة أراضي إسرائيل والصندوق القومي اليهودي» من أجل تخليص حقها في هذه الأرض، وأن النزاع ما زال مستمراً حيث قامت البطريركية مؤخراً بتوظيف مجموعة خبراء ومحامين في إسرائيل لمساندتها في هذه القضية ووضع حد للأطماع الإسرائيلية فيها. وأكدت البطريركية في بيانها أن أي ضغوطات على البطريركية، وخاصة إن كانت داخلية، ستخدم من يحاول الاستيلاء على حقوق الكنيسة ورعيتها، هذه الضغوطات لا يمكن أن تكتسب تعاطفاً شعبياً، الا إذا أخذت طابعاً وطنياً قومياً يبدو في ظاهره أنه حريص على القدس وعروبتها واسلاميتها ومسيحيتها، لكن الأمر الذي لم ينتبه له المتربصون بكنيستنا وأبنائها بأنه في هذا الوطن قائد حكيم وقانون عادل يضع حدوداً لمثيري الفتن وجسور التعصب.
وتابع البيان «لكن مثل هذه الحملات التشويهية الإسرائيلية المنشأ تفتح للبطريركية المجال للتأكيد للمرة المليون بأن الكنيسة الأرثوذكسية لم تعقد أي صفقة بيع او تأجير لأي جهة استيطانية منذ تولي غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث مسئولياته كرأس للبطريركية، كما أنها عملت وما زالت تعمل على ابطال صفقات تمت في عهود سابقة واستطاعت بنجاح مشهود له، وإن حاول البعض انكار ذلك لخدمة أهدافهم الشخصية، انقاذ أكثر من ألف دونم من براثن المستوطنين معظمها في القدس، وبنت الكنائس والمدارس وتبرعت بعقارات لخدمة المجتمعين الأردني والفلسطيني، كما دفعت البطريركية وغبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث ثمناً باهظاً لمحافظته على الكنيسة وأملاكها ومصالح أبنائها والمجتمع بشكل عام».
وقال البيان ان البطريركية أثبتت هذه الحقيقة لجميع الجهات المعنية بالوثائق ومن خلال محامين ولجان قانونية منتدبة رسمياً.
وبين ان محاولات مثيري الفتن اللعب على الوتر القومي، أي يوناني – عربي، بهدف الاستحواذ على عاطفة القارئ، فهي محاولة بائسة تناقض العقل والمنطق الواقع المُمارس.
وقالت البطريركية في بيانها ان «الجميع يعلم بأن غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث ومطارنة الكنيسة يحملون باعتزاز جواز السفر الأردني، وأن للكنيسة قانون أردني، وأن بطريركها ثيوفيلوس الثالث يشغل ايضاً منصب رئيس مجلس الكنائس في أردننا الحبيب، ومع كل هذا نؤكد بأن كنيستنا ترفض التفريق بين المؤمنين على أساس عرقي، فهل بقي لروح العنصرية أي موضع للتحريض على الكنيسة من خلال هذا الباب؟»
وأضافت «أما عن ما يذكره البعض من تدخلات حكومات أجنبية بقرارات الكنيسة فإنه تجني ما بعده تجني، فكنيستنا الأرثوذكسية، هي أم كنائس العالم، وهي أقدم من الدول والحكومات، وهي مستقلة بقراراتها دون تدخل أحد، ولا يؤثر في قراراتها سوى حرصها على نقل الأمانة من خلال الحفاظ على المقدسات وتعزيز رسالتها الروحية لأبنائها والمساهمة الفاعلة في خدمة المجتمع بمسيحيه ومسلميه».
وقالت «إن محاولات المستوطنين المتطرفين للإساءة للكنيسة واستغلالهم المباشر وغير المباشر لأقلام لا تراعي خبث هؤلاء ولا ترى نواياهم، لن تستطيع أن تغير شيئاً من واقع آداء الكنيسة الذي يستمد قوته وثباته من الله سبحانه وتعالى مستعيناً بحضارة ضاربة الجذور في تاريخ هذه الأرض المباركة، فلا يظن أحد أننا وأبنائنا واخواننا في مجتمعاتنا سنكون لقمة سائغة في فم المستوطنين او مثيري الفتن، والله المعين».
المفضلات