السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نادية عبد القادر
ترى ..هل يحق للأم إذا تشاجرت مع زوجها أو رأت منه ما تكره ، أن تمتنع عن إرضاع طفلها أو تنظيفه أو ترفض إطعام أبنائها الصغار؟؟ وهل يحق للأب إن تشاجر مع زوجته أو وجد منها ما يكره أن يمتنع عن الإنفاق على أطفاله وبيته ؟؟
أعتقد أننا جميعاً سنجيب على هذه التساؤلات بـ ( لا ) كبيرة .. لأن هذا أمر غير مقبول ولا مبرر في حق فئة سيتم ظلمها نتيجة مثل هذا القرار.. وغضب الأب أو الأم ليس مبرراً لأحدهما أن يحرم الأبناء من حقوقهم بحجة أن ( حقه الشخصي ) منقوص !!
وهكذا ، ينطبق الأمر بالضرورة على جميع الفئات من المواطنين والمسؤولين ، فنحن نؤمن أن لكل منا حقٌّ نطالب به ونتمسك به ونسعى للحصول عليه بشتى الوسائل ، لكن بالمقابل ( لا ) كبيرة للظلم!!
ترى ..هل يحق لمربي الأجيال – هذا الذي نطالب أبناءنا أن يقفوا له تبجيلاً – أن يحرم ( أبناءه ) من حقهم في التعليم فقط لأنه غاضب من جهة ما ؟؟ أليست المدرسة البيت الثاني للأبناء ومدرسوهم بمنزلة الآباء والأمهات لهم ، حتى أن المدارس تكرم المعلمات في يوم الأم على أنهن أمهات لطلبتهن ، أليس المعلم هنا يمارس ظلماً يُطالب هو في إضرابه أن يتم رفعه عنه ؟؟ ألا يعلم معلمونا أنهم سيحرمون حتى أبناءهم الحقيقيين من حقهم في التعليم طيلة فترة إضرابهم ، وهكذا ستتراكم المواد على الطلبة لتثقل كاهلهم – المثقل أصلاً – بحجم مناهجهم الكبيرة والتي تزداد حجما عاماً تلو عام !!
أنا أثق تمام الثقة أن معظم أولياء الأمور قد لاحظوا أنه لم يتم إنهاء ما لا يقل عن وحدة دراسية كاملة في الفصل الدراسي الأول للمرحلة الأساسية ،وتم ترحيلها للفصل الدراسي الثاني ، وقد تم شرح جزء منها فيما نبذ الباقي بحجة ضرورة الإسراع لإنهاء منهاج الفصل الثاني ..
والآن ..يقف المعلمون صفاً ضد أبنائهم ..برغم ما قد حصلوا عليه من وعود حكومية بالسير جدياً في تنفيذ مطالبهم ، فلم لا نحدد وقتاً معيناً للحكومة لتجلس معنا على (طاولة المفاوضات) لنحدد مطالبنا ونثبت حقنا ، فإذا لم نجد أذناً صاغية ، وقتها سيكون لكل حادث حديث !!
ترى أحبتي .. ألا يجب أن نطبق حديث المصطفى عليه السلام ( لا ضرر ولا ضرار ) ؟؟ أي أن المعلمين يمكن لهم أن يعتصموا كما يشاؤون ويطالبوا بحقوقهم – المشروعة – ولكن بغير أوقات الدوام الرسمي ، وبحيث لا يضر هذا بالطلبة ؟؟ هل يمكن لنا ألا نستخدم فلذات أكبادنا دروعاً بشرية نحارب بها ، فهذا أدعى إلى عدم تشويه رسالة التعليم النبيلة والتي جعلت من اسم الوزارة التي تنضوون تحت لوائها ( التربية ) ثم ( التعليم ) ؟؟
وكيف سيعرف الطالب معنى الالتزام بالدوام وأهمية الدوام إن كان العديد من أيام الدوام يذهب هدراً، ناهيك عن أيام الرحلات والبازارات وحفلات التخريج وأيام البرد القارس والعطل الطارئة .. كم يوماً خلال الفصلين يداوم الطالب فعلياً لو قررنا أن نحسبها ؟؟؟
ومن ناحية أخرى ، ليس المعلمون وحدهم من وقعوا في هذا الأمر – والذي أراه خاطئاً من وجهة نظري – بل حتى الأطباء قد وقعوا فيه ، فهذه المهن الحيوية ترتبط ارتباطاً مباشراً بآخرين قد يتضررون من مثل هذا الإضراب ، فالمريض الذي تألم طيلة الليل ويعلم الله عن صبره حتى لاح نور الشمس ليذهب لتلقي العلاج ، ماذا سيكون رد فعله عندما يخبرونه أنه ليس هناك من يعالجه ؟؟ أي عذاب سيبقى فيه ؟؟
هل كان هذا منصوص عليه في ( قَسَم كلية الطب ) عندما أعلنوا أنهم سيزاولون هذه المهنة النبيلة والتي ينبغي أن تتجاوز كل اعتبارات مادية إلى ما فيه مصلحة المريض ؟؟
نحن مع حقوقكم قلباً وقالباً ، فمطالبكم حق مشروع لكم ، ولكم أن تعتصموا وتتظاهروا وتطالبوا وتفاوضوا ، لكن .. ليكن كلٌّ منا درعٌ للوطن ، لا سيفاً في خاصرته ، لنقم بواجبنا كله ، حتى نأخذ حقنا كله .. وليس من حق أحد استخدام طالب أو مريض في معركة تبدو جوانبها سياسية ، أكثر منها نيل حقوق !!
ولا ننسى أننا كلنا راعٍ وكلنا مسؤول عن رعيته ، فلينظر أحدنا إلى رعيته حتى لا يُسأل يوم القيامة عما فعل فيها ...
والله من وراء القصد ،،،
المفضلات