كتبت - سهير بشناق - انتقلت عدوى الاعتصامات التي يشهدها المجتمع مؤخرا الى بعض طلاب المدارس التي تباينت اعتصاماتهم بين رفضهم لمدراء مدارسهم وبين رفع مدارسهم لقيمة الاقساط المدرسية التي اثارت استياء اهالي العديد من الطلاب في المدارس الخاصة خاصة تلك المتعلقة برسوم التسجيل للعام الدراسي القادم والتي اعتبروها غير منصفة في الوقت التي تعاني به اسر كثيرة من ضيق مالي وعدم قدرة على مجاراة ما تقوم به مدارس خاصة مع الاستمرار في رفع رسومها سنويا بما لا يتلاءم مع الاوضاع المعيشية لاهالي الطلاب .
ويرى اخصائيون اجتماعيون ان انتقال الاعتصامات الى داخل المدارس ومن قبل الطلاب امر سلبي لا يخدم العملية التعليمية خاصة وان بعض الاعتصامات كانت ضد مدراء المدارس الامر الذي لا علاقة للطلاب به .
الاخصائية الاجتماعية منال القادري اشارت الى ان الاجواء العامة التي تسود المجتمع من انتشار الاعتصامات في العديد من المؤسسات ومن قبل بعض العمال اثرت على سلوك بعض الطلاب ودفعتهم الى الاعتصامات التي لا مبرر لها وخاصة تلك الموجهة ضد مدراء المدارس .
واضافت "ليس من المقبول ان تنظم طالبات اعتصاما يطالب بتنحي مديرة مدرسة كون هذه القضية ليست من صلاحيات الطلاب ولا علاقة لهم بها" .
واشارت الى ان احتجاجات اهل الطلاب على رفع الرسوم المدرسية امر مشروع خاصة في ظل استغلال العديد من المدارس الخاصة صلاحياتها برفع الرسوم والاقساط المدرسية بغير حق مما يؤثر على اسر الطلاب بشكل ملحوظ وفي ظل الازمات المالية التي يمر بها المواطن اذ ما علمنا ان نصف دخول المواطنين تذهب الى المدارس .
واعتبرت القادري ان الاصل في هذه القضية هي اللجوء الى تقديم اعتراضات لادارات المدارس من قبل اهالي الطلاب حيال هذه القضية لا ان يقوموم الطلاب بذلك .
واكدت ان وجود موجة من الاعتصامات في المجتمع تضع الاسر امام مسؤولية جديدة في التعامل مع ابنائهم تفرضها المرحلة الحالية فعليهم ان يتحاوروا مع ابنائهم ويؤكدوا اهمية لغة الحوار للوصول الى ما يريدونه والابتعاد عن لغة العنف التي تعود الابناء على التمرد في غير مكانه .
الدكتور حسين الخزاعي استاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة البلقاء التطبيقية قال "ان التقليد الاعمى هو السبب الرئيس في مشاركة الاطفال وطلاب المدارس في المظاهرات والاعتصامات"، مشيرا الى ان الاطفال لا يعرفون ما هي الاسباب والدوافع الحقيقية للمشاركة في المسيرات والاعتصامات وان تقليدهم للكبار وخاصة الاباء والامهات كونهم القدوة والنموذج لهم هو الدافع الحقيقي للاعتصامات والمشاركة في المظاهرات والمسيرات والاحتجاجات الطلابية.
واضاف الخزاعي ان تعرض افراد الاسرة الكبار لوسائل الاعلام وخاصة القنوات الفضائية لفترة طويلة والقيام بالانتقال من قناة فضائية الى اخرى وحرمان الاطفال من متابعة برامج الاطفال المحببة لهم بسبب احتكار الكبار للشاشة التلفزيونية وتركيزهم على الاخبار فقط ، هذا يدفع الاطفال الى التعرض للاخبار التي يشاهدها الاباء والامهات وكبار الاخوة في الاسرة ، وفي ظل عدم التواصل والحوار مع الابناء اثناء عملية المشاهدة والمتابعة فأن الاطفال يدركون المشاهده التي يرونها ويفسرونها كل حسب عمره وادراكاته وتوجهاته .
واشار الخزاعي الى اهمية ان يدرك الامهات والاباء وهم يتابعون الاخبار من القنوات الفضائية ان يشرحوا لابنائهم عن اسباب ودوافع الاعتصامات والمظاهرات في تلك البلدان التي تحدث فيها مسيرات او اعتصامات ، وان يشرحوا لهم خصوصية كل بلد واحترام وطنهم كافة قضايا حقوق الانسان والحرية المسؤولة ، وتوضيح اسباب قيام هذه المظاهرات والاعتصامات والاحتكاكات في تلك الدول ، مؤكدا اهمية توجيه الابناء الى التربية السليمة والطرق والاجراءات التي يجب ان تتبع للمطالبة في حقوقهم من مدارسهم اذا كان هناك نواقص تعليمية او مشكلات تعليمية وهي عن طريق المخاطبة والجلوس والحوار مع الاساتذة والمدارء والموجهين والبعد في المطالب عن القضايا الشخصية .
وحذر الخزاعي من خطورة تقليد الاطفال للكبار في اطلاق الهتافات المنافية للاداب والمسيئة وغير الصادقة التي قد يتعلمونها من وسائل الاعلام او من خلال اصطحاب الاباء للابناء معهم للمسيرات واحتكاكهم مع المتواجدين في الشوارع والطرقات العامة، وحذر الاباء من اصحاب اطفالهم معهم للمشاركه في اي مسيرات او اعتصامات خوفا على ابنائهم من التعرض للاذى والاصابة بسبب احتكاكات واختناقات وفوضى وازمات مرورية قد تحدث وايضا خوفا على ان يقوم الطلاب بتقمص ادوار الكبار ويمارسون نفس السلوكيات في مدارسهم بشكل خاطيء.
واشار الى خطأ وقع فيه المعلمون الذين يطالبون بنقابة لهم في السنوات السابقة حيث كان الاضراب والاعتصام الذي يقومون به يتم داخل اسوار المدرسة وبعد الطابور الصباحي وهذا كان يتم بحضور الطلاب وامام عيونهم وعلى مسامعهم ، وهذا الاجراء الخاطيء يوفر للطلاب في المدارس التربة الخصبة ودفعهم لتعلم طرق الاعتصامات والاحتجاجات كون المعلمين يعتبرون القدوة والنموذج للطلاب .
وطالب الخزاعي المعلمين بالبعد عن المباني المدرسية وعدم التظاهر والاعتصام داخل اسوار المدارس لان في ذلك ضررا للاطفال يدفعهم للتقليد الاعمى وان تكون لغة البيانات والمطالبات التي تصدرها لجان المعلمين هادئة وبعيده عن التهديد والوعيد وتسودها اللغة البعيده عن العنف السمعي للاطفال ولافراد المجتمع ، وطالب الحكومة ايضا بعدم المماطلة والتراخي في التعامل مع هذه الانواع من الاعتصامات والدخول في مفاوضات سريعه وحلول جذرية للمطالب والبعد عن توتر الاجواء المدرسية .
وشكت العديد من المعلمات من تاثير ما يحدث في المجتمع على طلاب وطالبات المدارس بشكل سلبي كونهم يتابعون ما يدور من حولهم .
فاحدى المعلمات في مدرسة خاصة اكدت ان طلابا في الصف التمهيدي بداوا يديرون حديثا فيما بينهم على طرق تخريب مدرستهم ورفضهم للمدرسة .
واعتبرت ان هذا الامر وان كان حديثا طفوليا كون الاطفال في هذه المرحلة لا يدركون حقيقية ما يقولونه الا انه يعتبر مظهرا سلبيا وانعكاسا لما يحدث .
واكدت ان التغيرات التي تحدث بالمجتمع عليها ان لا تؤثر على سلوك التربية للأطفال كونهم يتاثرون بما يحدث من حولهم مشيرة الى ان هناك مسؤولية كبيرة تقع على الاهل وعلى المعلمين لتوجيه الطلاب الا ان ما يحدث ليس هو الاسلوب الوحيد للتعبير عن رغبة الافراد بالتغيير وان المدرسة هي المكان الامن التي يجب ان تبقى بمناى عن اي مظاهر للعنف .
وتساءلت عن خطورة انتقال هذا الفكر الى الطلاب في مدارسهم وكيفية ضبط امور الطلاب بالمستقبل ان ما تم السماح لكل طالب بالاعتصام واللجوء الى هذه الاساليب التصعيدية للموافقة على مطالبه .
وفي الوقت الذي تعتبر بعض الاعتصامات التي تحدث من حولنا اعتصامات مشروعة تقف وراءها مطالب مشروعة للعديد من العاملين الا ان الخطورة في قضية التقليد لما يحدث دون وعي ودون ادراك لسلبيات هذه السلوكيات .
فان يفكر طفل في الصف التمهيدي بافكار تخريبية لمدرسته وان تعتصم طالبات رافضات لادارة مدراسهن وان يرفض طلاب الدخول الى صفوفهم احتجاجا على رفع الاقساط المدرسية امور غير مقبولة لهؤلاء سوف تقودهم ان استمرت الى تكسير مبادىء ومفاهيم كثيرة في حياتهم عليها ان تبقى حاضرة كي لا نصل في نهاية المطاف الى فقدان زمام الامور في المدارس وداخل الاسر وتصبح صلاحيات الامهات والاباء والمعلمين غائبة عن حياة الابناء والطلاب .
المفضلات