معركة طرابلس الحاسمة
سليمان عبدالله
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى...أما بعد
فيبدو أن المعركة الفاصلة بين الطاغية القذافي وأزلامه من جهة، وبين أبناء الشعب الليبي على أرض ليبيا الحبيبة من جهة أخرى سوف تدور رحاها قريبًا على ثرى طرابلس حيث يتحصن مسليمة العصر في حصونه التي شيدها بأموال الشعب الليبي طيلة أربعة عقود تحسبًا لمجئ مثل هذا اليوم.
وتكتسب هذه المعركة أهمية كبرى كونها سوف تقود - إن شاء الله - إلى الخلاص من هذا المجرم الذي حارب دين رب الأرض والسموات، وعاث في الأرض فسادًا؛ فأفسد البلاد والعباد، وأهلك الحرث والنسل، وأحال حياة الناس إلى جحيم لا يطاق، ودمر مقدرات البلد على جميع الأصعدة بشكل متعمد وهمجي.
ولا ريب أن الشعب الليبي بانتفاضته المباركة قد قطع شوطاً كبيرًا لأجل الوصول إلى ذلك الهدف العظيم الذي تهفو إليه كل نفوس الليبين، وترنو إليه قلوبهم، وهو قلع هذا النظام المستبد من جذوره بالكامل ، وإقامة نظام بديل يستمد شرعيته من عقيدة الشعب الليبي المسلم، ويلتزم بتوفير الأمن والعدل والمساواة لكافة أبناء البلد، ويحمل شعار "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا".
ولا شك أن إخواننا في ليبيا هم الأقدر على تحديد معركة الحسم، والأفهم لظروف المعركة ومتطلباتها على واقع الأرض، لكن ليسمحوا لنا أن نبدي بعض النقاط السريعة التي لا أظنها تخفى عليهم، لكن تذكر لأجل التذكير:
أولاً:
ينبغي أن يعلم أن إطالة معركة الحسم هو في صالح النظام وليس في صالح الشعب؛ فاستراتجية القذافي ترمي إلى محاولة الإستعانة بأعداد كبيرة من المرتزقة المدربين على القتال، والإستيلاء على أكبر قدر من المناطق والمدن بحيث يجعل من كل ذلك ورقة للتفاوض مستقبلًا من خلال سياسة الأمر الواقع.
ويضاف إلى هذا أن استمرار أمد المعركة دون حسم قد يجعل معنويات الناس تتأثر سلبًا مع محاولة النظام القيام بسياسة الإغداق المادي من أجل ضم ضعاف النفوس إليه لتقويض زخم الثورة.
ثانيا:
أن خروج المظاهرات السلمية في العاصمة وضواحيها مسألة تحتاج إلى إعادة نظر؛ فالمظاهرات هي وسيلة ضغط يلجأ إليها أصحابها من أجل الضغط على جهة ما لأجل الحصول على مكسب معين، محاولين في الوقت نفسه إثارة إنتباه وسائل الإعلام المختلفة لأجل أن تساعدهم في تحقيق الأهداف المنشودة.
وإذا طبقنا هذا التفسير لهدف المظاهرات على المشهد الليبي عموما وطرابلس خصوصا فسوف يتبين لنا أن مظاهرات السابع عشر من فبراير وما بعدها قد نجحت بإمتياز في إثارة إنتباه وسائل الإعلام الدولية بل والدول الكبرى التي ترتبط بعلاقات وطيدة مع نظام القذافي، وقد رأينا كيف غيرت تلك الدول مواقفها تباعا لصالح الإنتفاضة المباركة..لكن هل قدم نظام القذافي أي تنازل لصالح الإنتفاضة كما حصل في تونس ومصر مثلًا؟
من شاهد خطابي القذافي الأب والإبن يعلم علم اليقين أنهما توعدا الشعب الليبي بالويل والثبور وعظائم الأمور، وقد أثبتت الأيام التالية صدق ما هددا به حيث أطلقا المرتزقة والكتائب الأمنية على أبناء الشعب الليبي لتتقترف مجازر وحمامات دم شاهد الملايين صورها المروعة على شاشات التلفزيونات، ولازال هذا الوضع قائما حتى الان.
لقد أصبح في حكم اليقين لكل متابع للشأن الليبي أن القذافي وقواته يهدفون إلى قتل أكبر عدد من الليبين، والمظاهرات السلمية توفر هدفًا مغريًا لتحقيق هذا الهدف الشيطاني، وقد رأينا كيف سقط الكثير من القتلى في مدينة طرابلس والزواية خلال الأيام السابقة.
وخلاصة هذه النقطة أن المظاهرات السلمية يجب أن تتوقف فورًا ليحل محلها حرب عصابات منظمة تستهدف قوات القذافي المرهقة أصلا، وتثخن فيها حتى تعجل بسقوط هذا الطاغية المستكبر. ولا شك أن بدء هذه الحرب الخاطفة ينبغي أن يتم بالتنسيق مع الجهات المعنية داخل الثورة الشعبية لأجل توحيد الجهود، وتحديد الأهداف والخطط.
ثالثا:
تعتبر مدينة سرت عقبة كؤود في طريق الوصول إلى طرابلس، وقد استطاع أبطال السابع عشر من فبراير إنهاء القبضة الأمنية القوية لنظام القذافي في مناطق الشرق بصدروهم العارية، وضربوا أروع الأمثلة في البطولة والفداء.
ولاشك أن الثورة الشعبية قد امتلكت الكثير من العتاد والخبرات العسكرية التي سوف تمكنها بإذن الله من تحقيق النصر، وإذا سقطت سرت، فسوف توجه ضربة قوية للقذافي، وتجعل الباب مفتوحا للتوجه إلى العاصمة.
رابعاً:
لقد حان الوقت للطلب من قبيلة القذاذفة التبرؤ من القذافي وأفعاله الهمجية، وينبغي أن يصدر بيان عن المجلس المؤقت يطلب من هذه القبيلة أن تحدد موقفها بشكل واضح لا لبس فيه، ويحملها المسؤلية المباشرة عما اقترفه القذافي من إجرام وقتل في حال رفضها التجاوب مع هذا المطلب. أما إذا تجاوبت فهذا سوف يضيق الخناق على القذافي، ويجعله يشعر بالخذلان والهزيمة النفسية.
والله أسأل أن ينصر إخواننا في ليبيا نصرًا مؤزراً، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
سليمان عبدالله
المفضلات